في مثل هذا اليوم من شهر رمضان المبارك تولى السلطان برقوق بن آنص الحكم في مصر بعد فترة قلاقل واضطرابات، وهو يعد مؤسس دولة المماليك الثانية التي تُذكر في كتب التاريخ بدولة المماليك البرجية الجراكسة. كان والد برقوق صبياً مسيحياً اشتراه تجار الرقيق من بلاد الشراكسة ليبيعوه في أسواق مصر، حيث إن مصر أصبحت تستورد هذا النوع من العبيد لشراهة كل أمير من المماليك لتقوية حزبه بشراء أكبر عدد من الصبية لتدريبهم على القتال والانتماء إليه، فاشترى الأمير يلبغا ولد برقوق سنة 1364م، وأجبره على ترك الديانة المسيحية واعتناق الإسلام ولأنه عبد فليس له حرية الاعتقاد، وكان له ابن اسمه برقوق أدهش يلبغا بجماله وذكائه ونشاطه، فأرسله لإحدى دور التعليم الإسلامي في مصر فبرع في الفقه وسائر العلوم الإسلامية، فرقاه إلى درجة أمير.



وحدث أنه عندما قتل المماليك سيد والده قد وصل الأمير برقوق إلى درجة كفاءة وامتياز ومهارة في القيادة بين المماليك فزجه قاتلو يلبغا في السجن مع باقي أصحابه من حراس ومماليك يلبغا وكان من أخص أصحابه بركه بعدنان، وتخلص الأمير برقوق من سجنه وهرب منه بحيلة، وذهب إلى دمشق وخدم عند منجك حاكم دمشق حتى استدعاه الملك الأشرف إلى مصر قبل مقتله وعينه قائد فرقة من المماليك، وبعد قتل الملك الأشرف ظل برقوق يخدم ابن الأشرف بأمانة وإخلاص ليسد جميل أبوه واستولى على منصب الوصي وكان هذا هدفه الذي يحقق طموحه في حكم البلاد .


وتوفي ابن الملك الأشرف في ربيع أول 783 هـ بعد أن حكم أربع سنوات وأربعة أشهر، وكان الأمير برقوق أميناً في خدمته. وبايع المماليك أخى الملك المتوفى واسمه زين الدين خاجي وكان عمره ست سنوات وجلس على عرش الحكم سنتين ويقول بعض المؤرخين إن مدة حكم هذا الملك سنة ونصف وكان يحكم حكماً اسمياً لأن الوصاية كانت وما زالت في يد الأمير برقوق.



وسئم برقوق أن يكون هو الحاكم الفعلي تحت إمرة ملك أو سلطان طفل، وطمع الأمير برقوق في الحكم، وفى 19 رمضان سنة 784 هـ خلع الأمير برقوق الملك زين الدين ونفاه، وأصبح برقوق الملك والحاكم الفعلي للبلاد رسمياً في سنة 1382م الموافقة 784 هـ ووافق الأمراء والخليفة العباسي المتوكل بالله المقيم في القاهرة على تنصيب الأمير برقوق ملكاً أو سلطاناً على مسلمي مصر.