سُئِلتُ يَوماً منْ قِبلْ فَتاةٍ لآ
أعْرِفُها : كَيف أبْتَديتِ شِتائُكِ بِ
هَذا العَامْ ..؟
نَظرتُ لَها بِ عَيْنينْ ذآبِلَتينْ وَ جَاوْتُها بِ أخْتِصار :
فُسْتانٌ اسْودَ اللّون طَويلْ دافِئ نَوعاً مــا ، وَجْنَتانْ بِ لَون الْوردْ ،
اصْبَحتا شَاحِبتَينْ ، وَ سَماءٌ رَمادِية ، وَ بعضْ قَطراتْ الْمَطرْ ، هّكذا
اسْتقبَلتُ شِتائي ..؟!
أبْتَسمتْ وَ قَالتْ بِ شَغفٍ وَاضحْ : اذٍ يّ كآديَ مَالذيَ يُريدهُ قَلبكِ بَ هذهْ اللحْظه ؟
رَفِعتُ أحدْى حَاجِبيَ بِ أسْتِنكارْ وَلكِنني سُرعانْ مَا أصَابنيْ تَبلدٌ وَ آبتَسمتُ
ابِتِسامة بَاردة وَقلتْ : ممممْ أريِدُ الغِناءْ بِ صوتٍ عَالِ وَ بِ نبرةٍ حَزينـة ،
وَ بِ دَمْعَةٍ حَارِقةْ ، وَ بِ ذِكرىْ مُميتهْ ، " وِينهم أحْباب قلبيّ وِينهمْ ..
وِينهمْ رآحوآ وَ لآ أدريْ وِيِنهمْ "
لحْظة صَمت
..,
فَ سَألتنيْ بِ فُضول : مَالذيّ تُفَكرينْ به الآنْ ..؟
تَفَحصتُ وَجهَها بِ عمقْ وَ قلتُ بِ آسْتِغرآب وَ كأننيْ أبحُث الآجابةَ مِنها :
أفَكرْ .. مَاذا لوْ انيّ جَمعْتُ كُلْ رَسائِله وَ زُجاجاتِ عطرهِ المُبعْثَرة ،
وَقَدمْتها هَديةْ لِ أولْ مارٍ علّى بَابي ..؟ هلْسَ يِتغيرُ شيئْ ..؟
فَقالتْ بّ لآمُبالآة : كَيف تبْدأين يَومكِ الصَباحي ؟
فَ وَجهتُ نَظريّ الىّ السَماء الصافية وَقلت :
ههْ أَتعْلمينْ بِ أنْ جَميع صَباحآتي كَ أوراقْ قَديمةَ ،
كُتِبَ علّيها أمْنِيات حُبْ ، وَلمْ يسْتُمر فَ أمْتَلئتْ بِ الغُبارْ ،
وَ لمْ يهْتم بِها أحدْ فَ رُمِيتْ ..
فَ سألتنيّ سُوألآَ أخراً وَ لكِنهُ صَدمنيَ : اذاً اخْبرينيِ منْ تَكونينْ ..؟
تَفحصْتها جيداً فَ رأيْتُها جَادة فَ قلتْ : انـآ آلخذْلانْ وَ حماقةْ الآنِسانْ ،
وَ اسْتعصادْ النِسّيانْ ، انـآ صَمتْ المَقابرْ وَ فُجورْ الأكابِر ، وَ شَتيمةَ
كُلمحْبط عَاثِر ، انـا لَعنةُ الفِراقْ وَ فَجيعةْ المَوتْ ، وَ
اتِساعْ الآحداقْ ، انـا مَا تحتْ الرِمال وَغّدرْ الَزمانْ ، انـا الحظْ
الساخِر وحزْن الشَاعِر ، وَ كيدْ الساحِر وَ مرارةَ الأرقْ ،
وَ فوضى السهر !
فَ انتهتْ هيّ منْ أسْألتِها وَ توَقفتُ انا عنْ
الحَديثْ ..*
مواقع النشر (المفضلة)