المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لحظات حب



العاصمي
23-10-02, 11:13 AM
لحظة حب غامرة ملأت قلبى فرحا وسرورا ، ملأته بأمل كبير وزرعت به حياة .. لحظة حب غامرة بمعان غفلت عنها قلوب أخرى وقلوب .....لم تعرف معنى الحب ولم تتذوق تلك اللحظة ... لحظة حب.

اللحظة الأولى

من قلب ظلام الليل الدامس غطى الأجواء ، وإكتئابات نهار قاس يقصم ظهر الخير ، من قلب الهم القابع فوق القلب ، من جوف الظلم القاهر للانسان الحر ، جاءتنى تلك اللحظة .... تغسل كل الهم ، و تزيح الكابوس السارح فى أعماق الفكر و سويداء القلب ، و تنير ظلام دامس ما كنت أظن له فجر ...... لحظة حب سرت فى القلب و فى العقل ، فتغير حال الدنيا أمامى ، ورأيت ما لم أره من قبل ..

يا لشقاوة من لم يعرف ذاك الحب ، و يا لشقاوة قلب لم تحى مواته تلك اللحظة ..... لحظة حب ! لحظة حب مرت كنسيم ربيع ، وتركت أرضا مخضرة وأشواق ضريع ... لحظة حب جاءتنى على غير موعد منى ولا ميعاد ... تمنيت لو يتوقف الزمان عندها ، تمنيت لو اختزل عمرى كله فى تلك اللحظة ، تمنيت لو أموت وأنا فى تلك الحال ، تمنيت لو تعرف كل الدنيا وكل الناس معنى ذاك الحب ، تمنيت لو أن الحب الخالد هذا كان بيدى لأرضعه لكل نفس تولد و لكل قلب ينبض ، تمنيت لو جاء عشاق الدنيا ليكتشفوا كذب عشقهم و سرابه ، ليروا بلغة القلب و معان العقل ذاك الحب ...
الآن فهمت .... فهمت تلك المقالة لأحد العابدين " نحن فى نعمة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها " ،
الآن فهمت ... فهمت موعظة سمعتها منذ زمن قال فيها الواعظ : " تعرفوا الى الله بلغة الحب "
الآن فهمت ... فهمت كلمة ابن تيمية : " ما يفعل اعدائى ... انا جنتى فى صدرى "
الآن فهمت .... فهمت حنين رابعة العدوية وهى تصف حال الحب الإلهى الذى طغى عليها :
حبيبى ليس يعادله حبيب... ولا لسواه فى قلبى نصيب
حبيبى غاب عن بصرى و شخصى ...ولكن عن فؤادى لا يغيب

الآن فهمت .... فهمت خماسية عمر بهاء الدين الأميرى فى مناجاته الرقيقة وصرت أشدو معه :
كلما أمعن الدجى وتحالك... شممت فى غوره الرهيب جلالك
وتراءت لعين القلب برايا... من جمال آنست فيها جمالك
وتراءى لمسمع الروح همس... من شفاه النجوم يتلو الثنا لك
واعترانى توله وخشوع... واحتوانى الشعور : أنى حيالك
ما تمالكت أن يخر كيانى... ساجدا واجدا ، ومن يتمالك ؟
الآن فهمت ..... فهمت معنى الحب .. فى لحظة حب !

اللحظة الثانية

مسكين ذاك الشاب الذى يتخيل أنه يحب فتاة فيهيم بها تيها وينسى كل حدود .... مسكينة هذه الفتاة التى تظن أنها تحب فتى الأحلام فتهيم به تيها وتتجاوز كل حدود.... مساكين هؤلاء المحبين عبر القرون ..... لم يعرفوا إلا نتفا من معنى الحب ، وأنى لهم أن يعرفوا ولم يمروا بتلك اللحظة ... لحظة حب !

لحظة حب خالد غمرت قلبى بكل معانى الحب ، بكل معانى الشوق ، بكل معانى العشق ، بكل معان يعجز عنها القلم وتعجز عنها الكلمات .... تمنيت لو كان ملكى روائع القصيد وأبلغ الأشعار ولو أن بلاغة المتنبى وأبى تمام والجاحظ طوع بنانى ، ولو أن فى عقلى بحر محيط من الألفاظ والمعانى ، وكل قواميس لغة الضاد ... بل كل اللغات ، لأعبر عن تلك اللحظة .... لحظة حب .... لكن هيهات .

لحظة حب عامرة ، ملأت قلبى بضياء ، ملأت روحى بنعيم صغر أمامه كل نعيم الدنيا ، وفهمت لأول مرة كيف تكون الجنة .... مجرد أسماء للتشبيه لكن حقيقتها لم ترها عين ولم تسمع بها أذن ولم تخطر على قلب بشر ، وفهمت كيف يشتاق أهل الجنة إليها ، وفهمت ولأول مرة كيف يشتاق المحبين الى ربهم شوق العاشقين المتيمين ... كل ذلك فى تلك اللحظة ... لحظة حب !

إن المعرفة نور .... ومن نور الله يكون كل نور ، ولحظة الحب تلك أضاءت لى – بنور الله – طريق المعرفة والفهم ...و فى لحظة حب واحدة اختزل التاريخ كله ، وتكور الزمان والمكان أمامى ، وفهمت كيف أن الدنيا لا تساوى همها ، وأن الآخرة خير لنا بل وأبقى ...

ورأيت النور – نور الله يقذف فى قلبى – فتهيج كل أحاسيسى ومشاعرى وتضطرم الأشواق فى كل ذرات جسدى ، ويجرى الدم عاشقا ملتاها صارخا .. الله الله ربى .

اللحظة الثالثة

فى لحظة حب أحببتك ربى كما لم أحبك من قبل ... فى لحظة حب أحببتك ربى كما لم أحب أحدا من قبل .... فى لحظة حب أحببت بحبك كل من تحب .... فى لحظة حب أحببت بحبك السماء والأرض ،

أحببت الطيور والزروع ، أحببت الجبال والبحار ، أحببت الأسماك فى بحارها ، والمعادن فى أرحامها وكل من خلقت .... أليسوا جميعا بحبك وحمدك يسبحون?

فى لحظة حب أحببت دينك الذى ارتضيت ، ورسولك الذى بعثت ، وكتابك الذى أنزلت ، وكيف لى أن لا أحبهم ومن أجلنا فعلت ؟ أحببتهم حباً جديداً ... حباً كبيراً .... حباً عظيماً فوق حب ، فى لحظة حب أحببت أسماءك الحسنى وصفاتك العلى ، تقدست ربى وتعاليت .... أحببتها حب فهم ومعرفة وذوق ....

فى لحظة حب أحببت ندائك بيا حنان يا منان يا ودود يا لطيف ، وكيف لا وقد تفضلت ومننت ومن ألطاف جود المعانى وهبت ورزقت وأفضت ... فى لحظة حب تفتحت أمامى أبواب رحمات واسعة غامرة فياضة مفعمة بكل معانى الحب .. الحب منك لكل عبادك .. وبدأت أفهم بعضا من معانى " الرحمن الرحيم " وبعضا من معانى دعاء أهل الكهف " ربنا هب لنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا " فبرحمتك عشنا ، وبرحمتك وفيها نعيش وفى رحمتك نرجو أن تتغمدنا ، فرحمتك العامة وهب لكل الناس ورحمتك الخاصه وهب لمن تحب ، فاللهم أجعلنا ممن تحب .

فى لحظة حب أحببت طاعتك ، وتلذذت بمناجاتك وعبادتك ، وعرفت أن من أحبك أطاعك ومن أطاعك أحبك، وفى لحظة حب كرهت معصيتك .... كيف يعصيك من أحبك ؟ بل هل يعصيك ابتداء محب ؟
تعصى الله وأنت تظهر حبه... هذا لعمرى فى القياس شنيع
لو كان حبك صادقا لأطعته...إن المحب لمن يحب مطيع
فى كل يوم يبتديك بنعمة...منه وأنت لشكر ذاك مضيع
وفى لحظة حب أحببت القرب منك ... أحببت التودد إليك ، أحببت مناجاتك وحدى فى جوف الليل أو وضح النهار ... أحببت اعتمادى عليك ... أحببت اعتضادى بك ، والارتكان إليك والارتماء على عتباتك ...
متبتلاً ....متذللاً .... متودداً .... متناسياً ما قد أهم .

اللحظة الرابعة

في لحظة حب أحببت السجود لك ، أحببته حبا أنساني طوله فلم أشعر بالزمان لا المكان .على الأرض ؛ سجد الجبين ، وفى السماء ؛ حلقت الروح في عالم من جمال وروح وريحان ، وشعرت بنعمة الإسلام لك .... مساكين هؤلاء الذي لا يعرفون الاستسلام لك ، مساكين هؤلاء الذين لا يتلذذون بالسجود لك ... مساكين هؤلاء الذين يمرغون وجوههم في التراب لغير وجهك ... مساكين هؤلاء الذين لا يعرفون قيمة الحرية في الخضوع لك وحدك و السجود لجلال عظمتك .... لقد شعرت بسجودي هذا أنني أعلى من كل القيود ، وكيف لا وأنا أسجد لك ، وشعرت أنها سجدة الحرية الحقة التي تعتق النفس فيها من أغلال الأرض وقيودها وأحقادها ، فتحررت نفسي وروحي وعقلي وكل كياني وصرت بها حرا حرا .

وفى تلك اللحظة ... لحظة حب وخضوع ، فهمت قول الحبيب محمدا : " أرحنا بها يا بلال " كم كنت مرتاحا فى حضرتك .... كم كنت مرتاحا فى سجودى لك .... فى تلك اللحظة الغالية ... لحظة حب . وفى لحظة حب شعرت كم أنت منى قريب قريب ، وأحسست بك تسمع كلامى وترى مكانى وتعلم حالى ، ففاضت عبراتى ، وارتعد القلب نشوة وحبا هاتفا بصوت كادت تتكسر منه الضلوع .... يا حبيبى يا الله ... يا الله يا حبيبى أمد بها الصوت مدا ... فى نغم ساحر ، و نداء خاشع ، سكن به الجسد واطمأن به القلب وهدأت به الجوارح .. فى لحظة قدسية تمنيت لو كانت كل الحياة ... و كل الزمن.

عندما يكبر حب الله فى القلب تصغر كل الأشياء ، ويسمو ذاك القلب وتسمو الروح والأحاسيس والمشاعر ... يسمون جميعا فوق الدنيا ... ويرفرفون بأجنحة فضية فى أفق عال وسماء ، وتنزاح إكتئابات الدنيا وظلام الليل الدامس ، ويعود الفجر حثيثا يشرق فى القلب ويضئ الدنيا ؛ عملا وجهادا ... فى لحظة حب حرة من ضغط الأرض ، وقيد الأرض ، وفكر الأرض ، وشر الأرض ، وظلم الأرض ... تتفتح أزهار ، تورق أشجار ، وتخضر الأرض الموغلة فى البعد عن الله ... فيا كل الناس .... لحظة حب حرة تسرى فى القلوب ... تحييها من مواتها وتبعث فيها من جديد .... حياتها .

اللحظة الخامسة

هنا فى دنيا الناس ، توجد قلوب قد تحجرت ؛ منها من أخذ الدين رسوما جوفاء ، ومنها من عبد الله بخوف دون رجاء ، ومنها من أظلم قلبه بطغيان المادة أو المعصية سواء ، ومنها ومنها ..... فأنى لهؤلاء أن يعرفوا معانى الحب أو حال المحبين ؛ ولكن من رحمة رب العالمين أن تبقى فى كل زمان ومكان تلك الطائفة الوسطية التى تأخذ من كل شئ أحسنه ، فعمرت قلوبها بالحب قبل الخوف ، و بالرحمة قبل الغضب ، وأقفلت قلوبها عن الدنيا وإن جعلتها فى أيديها ، و مرت بتلك اللحظات ... وتلك الساعات الخالدات ..... لحظات الحب القدسى وساعاته ....

و مرت بى تلك اللحظة ... لكنها ليست كباق اللحظات ... مرت سريعا لكنها بقت أثرا ومعنى ، مرت وتركتنى أنادى الحبيب وأضرع إليه مناجيا :

يا من يرى ما فى الضمير ويسمع.. أنت المعد لكل ما يتوقع
يا من يرجى للشدائد كلها.. يا من إليه المشتكى و المفزع
يامن خزائن رزقه فى قول كن.. أمنن فإن الخير منك أجمع
مالى سوى فقرى إليك وسيلة.. فبالافتقار إليك فقرى أدفع
مالى سوى قرعى لبابك حيلة.. فلئن رددت فأى باب أقرع
ومن الذى أدعو و أهتف باسمه.. إن كان فضلك عن فقيرك يمنع
حاشا لجودك أن تقنط عاصيا..الفضل أجزل والمواهب أوسع


اللهم لا تحرمنى حبك ولا تسلبنى محبتك واجعلنى ممن أحببتهم ورضيت عنهم فى تلك اللحظة .. وفى كل لحظة . آمين .

كبرياء الالم
23-10-02, 11:11 PM
اللهم لا تحرمنى حبك ولا تسلبنى محبتك واجعلنى ممن أحببتهم ورضيت عنهم فى تلك اللحظة .. وفى كل لحظة . آمين .
----

اللهم امين

اللهم امين

اللهم امين

-----------------------------

اللهم انر قلوبنا بنور محبتكـــــــــــ

اللهم ارزقنا حبك وحب اوليائكــــــــــــــــ