المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأشهر الحُرُم و شهر رجب



العاصمي
09-09-02, 03:08 PM
((كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا دخل رجب قال : اللهم بارك لنا في رجب و شعبان و بلغنا رمضان ))
((كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا رأى هلال الشهر العربي يقول : اللهم أهِلَّه علينا بالأمن و الإيمان و السلامة و الإسلام .. ربي و ربك الله .. هلال رشدٍ و خير))

جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خطب في حجة الوداع فقال في خطبته : "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات و الأرض ، السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حُرُم ، ثلاثة متواليات : ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم ، و رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان ..." .

قال الله عز و جل : { إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات و الأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم }

فأخبر سبحانه أنه منذ خلق السماوات و الأرض و خلق الليل والنهار يدوران في الفلك و خلق ما في السماء من الشمس و القمر والنجوم و جعل الشمس و القمر يسبحان في الفلك و ينشأ منهما ظلمة الليل و بياض النهار فمن حينئذ جعل السنة اثني عشر شهراً بحسب الهلال ، فالسنة في الشرع مقدرة بسير القمر و طلوعه لا بسير الشمس و انتقالها كما يفعله أهل الكتاب . و جعل الله تعالى من هذه الأشهر أربعة أشهر حرماً و قد فسرها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث و ذكر أنها ثلاثة متواليات : ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم و واحد فرد و هو شهر رجب .

النسئ : و قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات و الأرض ، السنة اثنا عشر شهراً" . مراده بذلك إبطال ما كانت الجاهلية تفعله من النسيء كما قال تعالى : { إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً و يحرمونه عاماً ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله } ، و ذلك أنهم كانوا يبدلون بعض الأشهر الحرم بغيرها من الأشهر فيحرمونها بدلها و يحلون ما أرادوا تحليله من الأشهر الحرم إذا احتاجوا إلى ذلك و لكن لا يزيدون في عدد الأشهر الهلالية شيئاً ، و قالت طائفة أخرى : بل كانوا يزيدون في عدد شهور السنة ... ثم استمر بذلك التحريم و التحليل و التأخير إلى أن جاء الإسلام و وافق حجة الوداع صار رجوع التحريم إلى محرم الحقيقي .

لِمَ سميت هذه الأشهر الأربعة حُرُماً ؟ قيل : لعظم حرمتها و حرمة الذنب فيها ، اختص الله أربعة أشهر جعلهن حرماً ، و عظم حرماتهن ، و جعل الذنب فيهن أعظم ، و جعل العمل الصالح و الأجر أعظم . و قيل : إنما سميت حرماً لتحريم القتال فيها ، و كان ذلك معروفاً في الجاهلية لأجل التمكن من الحج و العمرة فحرم شهر ذي الحجة لوقوع الحج فيه ، و حرم معه شهر ذي القعدة للسير فيه إلى الحج ، و شهر المحرم للرجوع فيه من الحج حتى يأمن الحاج على نفسه من حين يخرج من بيته إلى أن يرجع إليه . و حرم شهر رجب للاعتمار فيه في وسط السنة فيعتمر فيه من كان قريباً من مكة . و قد شرع الله في أول الإسلام تحريم القتال في الشهر الحرام ، قال تعالى : { لا تحلوا شعائر الله و لا الشهر الحرام } ، و قال تعالى : { يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير و صد عن سبيل الله و كفر به و المسجد الحرام و إخراج أهله منه أكبر عند الله و الفتنة أكبر من القتل }

و قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : "و رجب مضر" ، سمي رجب رجباً لأنه كان يُرْجَب : أي يعظم ، و أما إضافته إلى مضر فقيل : لأن مضر كانت تزيد في تعظيمه و احترامه فنسب إليهم لذلك .

ذكر ما يتعلق برجب من أحكام

كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ينهى عن صيام رجب كله لئلا يتخذ عيداً ، و أصل هذا أنه لا يشرع أن يتخذ المسلمون عيداً إلا ما جاءت الشريعة باتخاذه عيداً ، و هو يوم الفطر و يوم الأضحى و أيام التشريق و هي أعياد العام ، و يوم الجمعة و هو عيد الأسبوع و ما عدا ذلك فاتخاذه عيداً و موسماً بدعة لا أصل له في الشريعة . و من أحكام رجب ما ورد فيه من الصلاة و الصيام و الإعتمار :-

فأما الصلاة فلم يصح في شهر رجب صلاة مخصوصة تختص به ، و الأحاديث المروية في فضل صلاة الرغائب في أول ليلة جمعة من شهر رجب كذب و باطل لا تصح ، و هذه الصلاة بدعة عند جمهور العلماء .

و أما الصيام فلم يصح في فضل صوم رجب على سبيل الاختصاص شيء عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا عن أصحابه ، و إنما ورد في صيام الأشهر الحرم كلها أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : "صم من الحرم و اترك" قالها ثلاثاً . و قد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم استكمل شهراً قط إلا رمضان" .

و أما الإعتمار في رجب فقد روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم اعتمر في رجب ، واستحب الإعتمار في رجب عمر بن الخطاب و غيره ، و كانت عائشة تفعله و ابن عمر أيضاً .

شهر رجب مفتاح أشهر الخير و البركة قيل : شهر رجب شهر للزرع ، و شعبان شهر السقي للزرع ، و رمضان شهر حصاد الزرع . و قال بعضهم : السنة مثل الشجرة و شهر رجب أيام توريقها ، و شعبان أيام تفريعها ، و رمضان أيام قطفها ، و المؤمنون قطافها .

جدير بمن سود صحيفته بالذنوب أن يبيضها بالتوبة في هذا الشهر ، و بمن ضيع عمره في البطالة أن يغتنم فيه ما بقي من العمر

بَيِّض صحيفتَك السوداءَ في رجبِ بصالح العمل المُنْجي من اللهبِ
شهرٌ حرامٌ أتي من أشهر ٍ حرم ٍ إذا دعا اللهَ داع ٍ فيه لم يخبِ
طوبَى لعبدٍ زكَى فيه له عملٌ فكَفَّ فيه عن الفحشاءِ و الريبِ

انتهاز الفرصة بالعمل في هذا الشهر غنيمة ، و اغتنام أوقاته بالطاعات له فضيلة عظيمة