المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تخصص حاسوب



yasser
28-08-02, 02:28 PM
نقلن عن احد الآخوة من تخصص الحاسوب

بسم الله الرحمن الرحيم

كانت أياماً وأسابيع وأشهر مملوءة بالجد والنشاط والاجتهاد، وليالي لم تعرف فيها عيني سنة من نوم ،وكان لا يراني الرائي إلا ناظراً في كتاب أو كاتباً في دفتر أو أستظهر قطعة أو أعيد درساً، وفي النهاية وصلت إلى آخر الطريق و جنيت ثمر ما زرعت ، وحصلت على أعلى النسب ، كانت تلك أيام الثانوية العامة قبل أربع سنوات .

ولما كانت مهنة التعليم اختياري الأول منذ الصغر قررت الالتحاق بكليات التربية لأصبح معلماً في إحدى مدارس وطني الغالي ، وكان لا بد لي من أن أختار أحد التخصصات ، فاخترت تخصص الحاسوب لأنه تخصص جديد ويطرح للمرة الأولى وبذلك سأكون من الدفعة الأولى ، وكذلك لأن الحاسوب لغة العصر ، وأن تعريف الجاهل سيصبح في المستقبل القريب ( هو الشخص الذي لا يعرف استخدام الحاسوب ) وليس الشخص الذي لا يعرف القراءة والكتابة ، ولأن معلم الحاسوب معلم متميز بين زملائه المعلمين ، وحتى في الحياة العامة والمجتمع ينظر إليه نظرة خاصة ، لكل ذلك وأكثر اخترت تخصص الحاسوب .

ومرت أربع سنوات عانيت فيها من صعوبة المقررات ومرارة الغربى غير أن الأمل بمستقبل أفضل كان يدفعني لمزيد من الجهد والاجتهاد ، وساعة تلو ساعة ويوم تلو يوم مرت أربع سنوات.

وانتظرت التعيين بفارغ الصبر ، عين زملائي في التخصصات الأخرى ، أما نحن تخصص الحاسوب فلا خبر عنا ، وبعد أسبوعين جاء ت النتيجة التي تقول أن من كان معدله أعلى 2.76 فقد عين أما من هو أقل فلم يعين وعليه الانتظار.

وعندما راجعنا قسم التخطيط بالوزارة قالوا لنا إنه لا يوجد شاغر وأننا اكتفينا بمئة وثلاثة منكم أما الباقون وهم مائتان وسبعة وأربعون فلا يوجد شاغر لهم وعليهم الانتظار إلي السنة القادمة .
سبحان الله أولستم أنتم الذين قلتم لوزارة التعليم العالي قبل أربع سنوات من الآن أنكم تتوقعون أنكم ستحتاجون لثلاثمائة وخمسين معلم حاسوب في السنة الدراسية 2002/2003 ، مالكم الآن تتخلون عنا ، ولماذا أرقامكم لا تطابق الواقع ، وإذا فرضنا أنكم أخطئتم ـ والكمال لله ـ فستخطئون في شخص أو شخصين وربما عشرة أو حتى عشرين ، فما بالكم في مائتين وسبعة وأربعون ، يا له من خطأ فادح ، ثم بعد ذلك كله تعدوننا بالسنة القادمة ، حينما تتخرج الدفعة الثانية والتي عددها ليس أقل من الدفعة الأولى فهي في قرابة 350 وإذا جمعنا إليها من لم يتعينوا من الدفعة الحالية فسنحصل على قرابة 600 معلم ، باله عليكم أيها المخططون إذا لم تستطيعوا أن تعينوا سوى 103 هذه السنة فهل ستستطيعون أن تعينوا 600 في السنة القادمة ؟ وحينها تتعقد الأمور فمن ستعينون هل الدفعة الأولى أم الدفعة الثانية ؟.
يا له من خطأ كبير ارتكبتموه ، والثمن ندفعه نحن ولستم أنتم ، الثمن هو مستقبلنا مستقبل 247 معلم، أيعقل هذا ... يقول تعالى {{ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}} الأنعام 164، ترى ما يكون موقفكم لو جعلتم أنفسكم مكاننا ، أو لنقل أنكم خسرتم وظائفكم .هذا هو احترامكم للمعلم وما ذنبنا غير أننا اخترنا هذا التخصص.

كانت لي أمال وأحلام وطموحات بغد أفضل ومستقبل مشرق ، معلماً أعلم أطفال بلدي ، ومدرساً أدرس أبناء وطني ، وأكون يداً تبني و ساعداً يعمر ، ولأرد ولو الشيء القليل من فضل عمان الغالية، وأشتري هدية أقدمها لأغلى أم ، وأقول لأبي الغالي : حان الوقت أن تستريح ، أنا سأكمل المسير عنك، وأبني بيتاً أطل من إحدى نوافذه فأطل على سماء وطني ، وأشتري سيارة أطوف بها ربوع بلدي .
أما الآن فلا أمال ولا أحلام ولا طموحات ، فقد أنهدم قصر طموحات الأشم لأنني اكتشفت أن أساسه قد اختفى ،فأصبحت كالذي يسير في طريق يعتقد أن في نهايته جنة خضراء ملتفة الأشجار مترادفة الأغصان ، فيها من الأزهار ما شاء الله ومن الأنهار الكثير، فإذا بي أجد نفسي في صحراء قاحلة لا أشجار فيها ولا أنهار و لا شيء يدل على الحياة ، ولا حتى سحابة صغيرة في الأفق البعيد تبشر بخير.
والآن أصبحا عالة ليس على نفسنا وأسرنا فقط بل على مجتمعنا ووطننا أيضاً ، وأصبحنا أشخاصاً تعساء وأشقياء وأصبنا بإحدى النكبات العظام والرزايا الجسام ، وأصبحنا نظن أن باطن الأرض خير لنا من ظهرها .

والآن لا أدري ماذا أفعل؟
أيأس وأستسلم وأجعل نفسي فريسة للإحباط ، وأمشي مكب الرأس أنظر إلى قدمي ، متثاقل الخطى ، عصبي المزاج ، متوتر الأعصاب ، متشتت التفكير ، أستجدي عطف الناس ورحمتهم ؟
أم ألعن اليوم الذي دخلت فيه الكلية وألعن تخصص الحاسوب وألعن من كان السبب في ما أنا فيه؟
أم أنتحر والعياذ بالله؟

أم أترك كل هذا وذاك وأرفع يدي إلى السماء وأدعو رب العزة والجلال {{ وأيوب إذ نادى ربه أنى مسني الضر وأنت أرحم الراحمين }} الأنبياء 83

وأقرأ قول حديث النبي صلى الله عليه وسلم: عن أبي يحيى صهيب بن سنان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (عجبا لأمر المؤمن! إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمِنْ إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له) رَوَاهُ مُسْلِمٌ

وأسلي نفسي بقول الشاعر:
اصطكت فلما اشتدت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج

وقول الشاعر:
يا صاحب الهم أن الهم منــفرج أبشر بخير فإن الفـــارج الله
اليأس يقطع أحياناً بصــــاحبه لا تيأس فإن الكافــــــــــي الله
الله يحدث بعد العسر ميســــرة لا تجزعن فإن القاســــــم الله
إذا بليت فثق بالله وارض بـــه إن الذي يكشف البلوى هو الله
والله ما لك غير الله من أحــــد فحسبك الله كــــــــــل لك الله

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

new01