المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيمياء المشاعر



nene
04-11-03, 09:45 PM
ماهى الكيمياء

االكيمياء فرع من فروع العلم يختص بدراسة تركيب المواد والتفاعلات التى تحدث بينها وهذا االعلم قد تفرع بدوره

الى أفرع عديدة منها من أختص بالمواد غير العضوية كالفلزات وغيرها ومنها من أختص بالمواد العضوية مثل السكريات وغيرها ومع تطور علوم التشريح ووظائف الاعضاء فتح ذ لك مجالا واسعا لدراسة العمليات الحيوية التى تجرى داخل الجسم فيما يسمى بالكيمياء الحيوية وحيث ان القلب يعتبرعضوا هاما من أعضاء الجسم- كما تبين مما سبق- و هو يمتلىء بالدم الذى يعتبر سائل ذو اهمية قصوى كوسيط فى نقل سواء المواد المفيدة او الضارة بين خلايا الجسم وبعضها وبينها وبين خارج الجسم ونقص هذا السائل يشكل شيئا خطيرا قد يعرض الانسان للموت والتبرع ولو بنقطة واحدة له عظيم الاثر والثواب
فهل يا ترى المشاعر التى يمتلىء بها القلب هى ايضا ضربا من الاشياء التى تخضع لعلم الكيمياء

--------------------------------------------------------------------------------

الانسان روح وجسد

يقول ألكسيس كاريل فى كتابه الانسان ذلك المجهول ان الجسم يبدى الى جانب النشاط الفسيولوجى وجوه نشاط اخرى يطلق عليها النشاط العقلى وتعبر الاعضاء عن نفسها بالعمل الالى والحرارة والظاهرة الكهربائية والمبادلات الكيمائية القابلة للقياس بواسطة فنون الطبيعة والكيمياء وقد نستطيع تقسيم النشاط العقلى الى نشاط عقلى واخلاقى وذوقى ودينى وان كان هذا التقسيم صناعيا اذ ان الحقيقة ان الجسم والروح هما وجهان شىء واحد والتناقض البادى بين المادة والعقل يمثل فقط تعارض نوعين من الفنون

--------------------------------------------------------------------------------

الجهاز النفسى


من المعلوم أن الانسان قد أبدعه الله سبحانه وتعالى من مادة وروح أما المادة فهى الجسد المعلوم لنا وأول انسان خلقه تعالى من طين ثم توالت الخلائق من نطف عبارة عن البويضة الملقحة ولايوجد تناقض هنا فلقد توصل العلم الحديث الى إكتشاف حقيقة ان تركيب جسد الانسان من نفس العناصر التى يتكون منها الطين او التراب بل وبنفس النسب تقريبا والجسد هو مجموعة الوحدات البنائية المسماة الخلايا والتى تتحد لتكوين الانسجة ثم الاعضاء فالاجهزة الداخلية0

ولكن بالنسبة للروح فالامر مجهول تماما فهى سر من أسرار الخالق جل وعلا ومن ثم تعددت التصورات والافكار وظهرت فى الازمان القديمة الفلسفات التى خاضت فى هذه الامور الغيبية وقد تأثر بها بعض فلاسفة المسلمين بعد الفتوحات الاسلامية و من ثم نشأة علم الكلام الذى أستمد وجوده من اختلاط بالشعوب الاخرى حديثة العهد بالاسلام . ثم كان فى العصور الحديثة ما يسمى علم النفس الذى حاول استلام راية الخوض فى أسرار النفس البشرية والتى نحا أحد رواد هذا الفن والمبتكر الاول للتحليل النفسى فرويد منحى جديد وغريب بإتخاذ الجنس مبررا لمعظم السلوك الانسانى وتحدث عن الانا والهو والانا العليا والصراع الذى قد ينشأ بين المرء أو المرء ومجتمعه إلا أنه قد توصل فى وقت مبكر فى عام 1890 الى ان الجهاز العصبى يمكن ان يتأثر عن طريق العقل وبالتالى تحدث عن تلك القوة الغامضة واسماها العقل الباطن . ..
ويتحدث علماء النفس عن الحياة العقلية ويقولون انها ثلاثية الجوانب وتشمل المعرفة والشعور والارادة ولاتعنى المعرفة لديهم مجرد المعلومات بل تشمل الانتباه واليقظة ايضا ووضعوا فى اعتبارهم ان العقل هو مقياس الانسان واننا كبار بقدر ما نشعر ونحن سعداء بقدر ما نعتقد والعقل الشديد اليقظة والانتباه لايحتاج مطلقا الى الضيق وعدم الاهتمام وكل نمو فى هذا العقل هو نمو فى الشخصية والجانب الثانى من جوانب الحياة العقلية عند علماء النفس هو المشاعر والتى تعتبر القوة الدافعة فى الحياة والانفعالات تعتبر سلاح ذو حدين واذا انفلتت من بين ايدينا قد تصبح قوة خطيرة والسؤال هل نستطيع التحكم تماما فى مشاعرنا!

والجانب الثالث من الحياة العقلية هو جانب الارادة ويقصد بها العملية التى يختار بها العقل اى الطرق يسلك ثم يتبع ذلك الاختيار بالعمل وهذه الارادة ثم تقويتها بالمران وكلما زاد وضوح الصورة التى فى عقلنا عن النفس التى نريد ان نكون عليها سهل علينا ان نرغب ونريد فى الاتجاه الصحيح - وهذا الثالوث على فريضية صحته ففى اعتقادى انه تسبقه قوة خاصة تنبع من القلب وتجعله يعمل التفكير فى هذا الامر او ذاك وهذه القوة النابعة من القلب هى قوة الخير او الشر او بمعنى ادق هى قوة الايمان او الكفر.

--------------------------------------------------------------------------------
كلمة فى التصوف
يقول الاستاذ حسن عباس زكى وزير الاقتصاد المصرى الاسبق ان التصوف موضوع قلبى وليس موضوع حواس لان الانسان المؤمن ايمانه بقلبه وان الايمان يشع على جوارحه فتعمل فى طاعة الله وعلى ذلك فان الاصل هو القلب فمجال التصوف هو القلب ومجال العلم هو العقل ومجال الحركة هى الحواس وكل واحد من هذه النواحى لها دورها ويقول الشيخ محمد الغزالى ان التصوف نزعة انسانية عامة تلتقى فيها الطبيعة النفسية لبعض الناس مع طبيعة الايمان العميق باى دين و يتكون الموضوع الفريد والصحيح للتصوف الاسلامى يتكون من ثلاثة عناصر اولها جعل الايمان النظرى شعورا نفسا وتحويله من عقل يتصور من عقل يتصور الى قلب يعى ويتحرك والثانى تهذيب النفس والثالث النظر الى الوجود الصغير فى هذه الدنيا على انه جزء من الوجود الكبير الممتد بعد الموت وسلفنا الصالح كان يستجمع فى حياته النفسية والاجتماعية العناصر السابقة ولكنه لم يعرف الكلمة كما عرف النح وان كان يجيد النطق ولما كان الاسلام ينبع من اصول معروفة هى كتاب الله وسنة رسوله فان اى علم من علومه محكوم طوعا او كرها بهذه الاصول
--------------------------------------------------------------------------------

الطب والمشاعر

لو نظرنا كيف يتعامل الاطباء مع الامراض النفسية مثل الاكتئاب وهو مرض واسع الانتشار ويعزى السبب فى معظم حالاته الى وجود خلل كيميائى فى نواقل الرسائل فى الجهاز العصبى مثل مادتى السيروتنين والنورادرينالين وذلك بعد اكتشافهم الصلة بين هذه الامراض ووجود مواد كيميائية تفرز داخل الجسم ومحاولة اعطاء ادوية تثبط من تأثير هذه المواد لعلاج هذه الحالات وهنا يتبادر الى الذهن سؤال هل المشاعر غير المرضية أو الناتجة عن الانفعالات الوقتية تخضع فى عمومها الى قواعد نفس اللعبة

هل تعرضت يوما ما لغضب شديد وضغط عصبى مع احد رؤسائك او عملائك فوجدت ان الدماء قد تصاعدت الى وجهك واحمرت اذناك وانتفخت اوداجك؟

لو حاولت ان تبحث عن الاجابة لوجدت ان هناك مادة كيميائية هى الادرنيالين قد افرزت وهى التى تسببت فى ذلك عن طريق جهاز يسمى الجهاز العصبى التلقائى يسيطر على القلب اما بالتحفيز او التثبيط وينتهى تأثيرها بانتهاء هذا الموقف ويعود الامر الى طبيعته

هل تتذكر متى اخر مرة مارست فيها لعبة رياضية لوقت طويل بلااستعداد مسبق...هل تتذكر كيف تلاحقت انفاسك وكاد قلبك يتوقف عن العمل اثناء ذلك وفى نفس الوقت تذكرت ذلك البطل العالمى الذى بذل اضعاف اضعاف ما بذلت من جهد ولم تتساقط منه حبة عرق لانه بالتدريب المستمر اصبح جسمه يتأقلم مع المجهود العنيف ولم تعد ثمة حاجة لاستدعاء كل هذه المواد الكيميائية لمواكبة الزيادة فى المجهود

هل ادركت الان قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ليس الشديد بالصرعة انما الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب

فكما توجد كيمياء للغضب فهناك ايضا كيمياء للحلم
فالانسان الذى يدرب نفسه على الصبر والطاعة يستطيع ان يقهر تلك النوبات من الحماقة والذلل فقط انما يحتاج الامر الى مزيد من الجهد والعمل ودعنا نتذكر ذلك القول الخالد (آلا ان سلعة الله غالية آلا ان سلعة الله هى الجنة) فلابد من التعود على الحرمان من الانزلاق فى الشهوات والاسراف فى المعاصى والتحكم فى الغريزة ولعل الحكمة فى المثابرة على الاعمال الصالحة مثل الصيام تتضح فى هذا السياق


أخى تذكر دائما أن الصبر على طاعة الله أهون بكثير من الصبر على معصيته
--------------------------------------------------------------------------------

الكيمياء والطبيعة

عندما كنت أعبث ببعض الكتب التى لم أقربها منذ مدة طويلة فى مكتبتى عثرت يدى على كتاب منذ اوائل السبيعينات بعنوان الكيمياء فى الكون والحياة ومؤلفه الدكتور عبد الملك ابو عوف نائب رئيس جامعة اسيوط فى ذلك الوقت وهو مجموعة من المقالات الشيقة عن علم الكيمياء فتصفحت وريقاته بسرعة واثناء ذلك استوقفتنى مقالتين الاولى بعنوان كتاب الطبيعة مكتوب بلغة كيماوية ولقد استعرض فيها الكاتب فى عجالة تطور علم الكيمياء فبدأ بالقول أن الكيمياء بدأت بالتعليل والتحليل لحاجة الانسان الى المعرفة وذلك من خلال رصد كل المواد الموجودة فى الكون ومعرفة خواصها ومميزاتها
ثم انتقلت الكيمياء من التحليل الى التأليف او من الهدم الى البناء ويتساءل الكاتب هل العناصر المكتشفة تفردت بوحدة صماء وتأتى الاجابة علىلسانه بكلا والدليل على ذلك هو التفاعلات بين العناصر وبعضها للوصول الى مركبات تختلف فى خواصها عن العناصر المكونة لها وتتواصل الرحلة مع علم الكيمياء فيتم اكتشاف الذرة حيث يعتبرها الكاتب بمثابة الكائن الحى الاول ثم وصف الكاتب علم الكيمياء بأنه يرد النتائج الى مسبباتها ويربط الخيوط المبعثرة الى بكرتها الاصيلة وفى رأى ان هذا يساعد على ارجاع الامور الى مبدعها جل وعلا0 وأختتم الكاتب مقالته الشيقة بقوله ان جاليليو قال ان كتاب الطبيعة العظيم قد كتب بلغة رياضيه ويعتقد الكاتب انه لو عاش جاليليو الى هذا العصر لقال ان كتاب الطبيعة مكتوب بلغة كيماوية ولاستبدل فى معادلاته رموزه الجبرية باخرى كيميائية تشير كل واحدة منها الى وحدة الكون 0 واضيف انا ماذا لو عاش جاليليو فى الالفية الثالثة وبعد اكتشاف د0زويل الفمتوثانية فتبارك الله احسن الخالقين0

--------------------------------------------------------------------------------


كيمياء العواطف

أما المقالة الثانية فكانت بعنوان كيمياء العواطف ويشهد الله تعالى اننى لم اقرا هذه المقالة قبل ان اضع عنوان هذه الصفحة ولم يخطر ببالى ان مثل هذه الافكار يتشارك فيها بنى البشر على اختلاف ازمانهم0
ويبدا الكاتب مقالته بسرد واقعة عن احد طلاب كلية الصيدلة الذى اراد ان يمازح زملائه بالحديث عن كيمياء العشاق حشد فيها الكثير مما تعلم من فنون المعادلات الكيميائية ويقول الكاتب لعل صاحب هذه الدعابة لم يكن يدرى انه قد مس موضوعا من اهم موضوعات العصر واستطرد الكاتب فى حديثه عن العواطف فقال بأنها ليست نوازع خلقية فحسب انما هى آثار خلقية لتفاعلات خفية تدب فى الجسم الحى المليىء بالالغاز والاسرار ولعل علم التشريح قد ساهم فى ايضاح هذه الصورة باكتشاف الغدد وافرازاتها ويعرف الهرمون بانه رسول كيميائى ناتج من تفاعلات كيمائية معقدة ويفرز بكمات ضئيلة تكفى لاحداث آثار عظيمة وكل هرمون يتميز بنشاط نوعى خاص ويتساءل الكاتب عما إذا ما كان الانسان الاول قد توصل الى ما شابه ذلك فلقد روى فى الاساطير القديمة انهم كانوا يأكلون قلوب الذئاب لتزداد قلوبهم قوة وبأس ثم طاف الكاتب فى مقالته برحلة مثيرة مع تطور علم الكيمياء خلال القرنين السابع والثامن عشر والذى واكب ولادة علم الغدد الصماء وانتهى الكاتب من مقالته بتلخيص دور الكيمياء فى شقين الاول هو محاولة فصل هذه الهرمونات والتعرف على تركيبها بل ومحاولة تاليفها من ارخص العناصر لتعويض حالات النقص والتى يعانى بعض الافراد منها والشق الثانى هو استخدام التفاعلات الكيميائية فى الكشف عن امراض الهرمونات وبينت آثارها على السلوك الانسانى0

--------------------------------------------------------------------------------


كيمياء السعادة

منذ قرابة الالف عام كتب الامام ابو حامد الغزالى رسالة بعنوان كيمياء السعادة جاء فيها كما ان الكيمياء الظاهرية لا تكون خزائن العوام فكذ لك كيمياء السعادة لا تكون الا فى خزائن الله تعالى ومن رحمته تعالى انه ارسل الانبياء يعلمون الناس كيف يجعلون القلب فى كور المجاهدة وكيف يطهرون القلب من الاخلاق المذ مومة وسر هذه الكيمياء ان ترجع من الدنيا الى الله كما قال سبحانه وتعالى وتبتل اليه تبتيلا

ومفتاح معرفة الله تعالى هو معرفة النفس وان شئت ان تعرف نفسك فاعلم انك من شيئين الاول هذا القلب والثانى يسمى النفس والروح والنفس هو القلب الذى تعرفه بعين الباطن وليس القلب هذه القطعة اللحمية التى فى الصدر فى الجانب الايسر واذا سألت عن حقيقته فتذكر فول الله تعالى ( ويسألونك عن الروح قل الروح من امر ربى) ولقد أسمى الغزالى الروح قلبا وهو محل معرفة الله تعالى ويستمر الامام فى قوله بأن النفس هى مركب القلب واذا كان القلب ملكا فان العقل وزيره وللقلب بابين للعلوم واحد للأحلام والثانى لعلم اليقظة

--------------------------------------------------------------------------------

العقل أم الوجدان

فى مقالة بعنوان العقل أم الوجدان أيهما يحجب الآخر للدكتور شوقى جلال نشرت فى مجلة العربى الكويتية عدد يونيو 2001
تحدث الكاتب ان العقل والوجدان هما قطبان على طرفى نقيض وحتى لا يحجب احدهما الاخر لابد من حدوث توازن بينهما وقد عنى الكاتب فى مقالته بالوجدان الروح او القلب او النفس او ما شابه ذلك من مسميات كلية جامعة لعناصر الثقافة الاجتماعية المعيشة وتحدث الكاتب عن ضرورة ما أسماه بالحوار الجدلى وقصد به الحوار القائم على التفاعل المتسامح بين الطرفين دون ان ينزع طرف الى اسقاط حق الاخر فى الوجود من باب التعسف ويحد د الكاتب ان المأساة فى اختلال علاقة التوازن بين القطبين على نوح افضى الى انحسار دور العقل ومن ثم دور العلم بسبب امتداد عصور الانحطاط والتخلف والتبعية وتأويا النصوص لصالح النزعة السلفية المحافظة على حد قوله بل وتعدى الكاتب القول الى ان الصراع الذى احتدم فى صدر الجضارة الاسلامية بين ممثلى التيار العقلى وهم المعتزلة والفلاسفة والعلماء المشتغلين بالبحث العلمى ورائدهم فى ذلك ابن رشد الذى وضع البرهان العقلى اساسا اوحد للفكر العلمى والفلسفى ونفى الظن عن قصور العقل البشرى ثم جاء من بعده ابن خلدون الذى ابدع قوانين العمران الاجتماعى التى لا علاقة لهل بأحكام الشريعة او مبادىء الفقه على حد قول الكاتب . ثم تحدث الكاتب عن مجيىء الافغانى ومحمد عبده ومحاولتهما وصل ما أنقطع بفكر المعتزلة والفلاسفة ضد جمود السلفيين ومثل ذلك حاوله محمد اقبال وطاغور على اختلاف معتقد كل منهما ويتحدث الكاتب عن الخط الاخر فى الصراع وهو الخط المناهض للعقل واصحابه كما يفول الكاتب هم القائلون بالجبر حاكما للفكر والسلوك حيث لايوجد سلطان للعفل للحكم على الافعال وان رسالة الانسان على الارض عبادة فحسب وان العلم علم دين وآخرة فقط وامتد هذا النهج حسب قول الكاتب الى يومنا هذا وهكذا نعيش على نقيض العصر حتى يعود وجداننا مستنيرا وتكون الولاية للعقل العلمى فى شئون الدنيا

وقد راودنى الشعور بضرورة الرد على هذا المقال حيث وقع فى يقينى أن الاوراق قد اختلطت لدى الكاتب وان العقل والوجدان إن كان ولابد من حدوث التوازن بينهما لابد فى بادىء الامر ان نضع كل منهما فى نصابه وفى حدود الغاية التى أوجدها الخالق سبحانه وتعالى من اجلها

وشاءت الاقدار أن يأتى الرد والتعقيب من غيرى لينشر على نفس صفحات المجلة الغراء بعد حوالى العام فى عدد مايو 2002
فى مقالة للكاتب التونسى محمد الصالح عزيز للرد على المقالة السابقة حيث روت هذه المقالة غليلى وقد وضع لها كاتبها عنوانا

البحث عن المعادلة المفقودة بين العقل والايمان حيث اورد الكاتب فى رده ان المعركة التى تحدث عنها دكتور شوقى جلال هى معركة مصطنعة من الاساس لأننا على مدى عصور جضارتنا لم نعلم ان أحدا قد تجرأ على الدعوة الى تجميد العقل عن اكتشاف قوانين الله فى الكون بل كان هناك تدافعا محدودا بين هؤلاء وهؤلاء القصد منه الحد من استقلال الغقل بالبحث فى امور العقيدة والغيبيات

واستطرد الكاتب فى رده قائلا ان هذا التدافع كان له الفضل الىحد ما فى حفظ عقيدتنا من مغالاة المعتزلة الذين ادخلوا العقل فى مجال غير مجاله ولاتهم المسلمين فى امور حياتهم بل أن ابن رشد الذى ذكره الكاتب فى مقاله قد من شأن العقل حتى كاد أن يؤلهه قد قال بصريح العبارة أن كل آية لاتوافق قول ارسطو يجب تأويلها!


وتحدث الاستاذ الصالح عن الحاجة الى معادلة تعيد الامور الى نصابها فترد المؤمنين بعجز العقل عن الادراك عموما وادرالك الماورئيات خصوصا وتردهم ايضا الى الايمان بقيمة العقل واعتباره هبة من الله على عباده ليقوموا بمهمة الخلافة فى الارض

حتى لايقودنا ذلك الى مثل ماقاله وليم جيمس ان الانسان مصدر الخير والشر وتجاوز ذلك الى القول ان الانسان هو الخالق الوحيد للقيم او كما قال نيتشه لقد ماتت جميع الآلهه فلم يعد لنا من امل إلا بظهور الانسان المتفوق - السوبر- فسبحان الحى الذى لايموت واعوذ بالله من عقيدة اهل النار

ثم يستطرد الكاتب فيقول صحيح ان الايمان بالعقل حقق بعض ما تتمتع به الحضارة الغربية من ايجابية لتحرير الانسان من الاحساس بالعجز امام قوى الطبيعة وهذا دفعه الى اكتشاف المجهول فى الفضاء وخلافه ولكنه اى العقل فى نفس الوقت كان وراء الازمات التى تعانيها الحضارة الغربية وتوشك تقودها الى الدمالر عندما فشل فى تقديم نظرة شمولية بل وانتهى به الامر الى انكار الحقيقة الروحية للانسان فكانت الحروب وكان الاستعمار والادهى من ذلك كان الانحلال الاخلاقى فى العلاقات الاجتماعية ومن فوضى اقتصادية وجرائم سياسية

واختتم الكاتب مقالته بتوضيح ان الحاجة الى وجود معادلة تأخد فى الاعتبار الطرح الاسلامى لور العقل وحدوده بأعتباره جزءا من الوجود وقد قال ابن خلدون فى مقدمته ( بل العقل ميزان ضحيح فأحكامه يقينية غير انك لا تطمح ان تزن به امور التوحيد والاخرة وحقيقة النبوة وحقائق الصفات الالهية وكل ما وراء طوره فان ذلك طمع فى محال) ويستمر الكاتب فى قوله ان حياة الانسانية رهينة فى نجاتها من الدمار فى حاجة ماسة الى تلك المعادلة الصعبة بين العقل والايمان وليس الوجدان حين نسمى الاسماء بمسمياتها والمتمثلة فى الور السليم الذى يقوم به العقل فى ضبط مسالكها مراعاة لفطرة التغيير المستمر وتقييدا بنطاق الحاكمية المطلقة لله تعالى

--------------------------------------------------------------------------------

بل واستمرت الرحلة لتأخذ نا مع الشيخ محمد الغزالى يرحمه الله فى صفحات نيرة من كتا به ركائز الايمان بين العقل والقلب الذى ارشحه بشدة كى تقرأه فبدأ الحديث عن ان الانسان عفل وقلب والظن بأن يقظة القلب ما تتم الا مع خمول الفكر و ازدراء الدنيا خطأ فاحش وكذلك الظن بأن سيادة العقل ماتتم الا بتضحية الايمان وابحاثه خطيئة كبرى والراشدون من رجالات الفكر يتفقون على ان شفاء العالم من سقامه مرتبط بعودة الايمان الى القلوب الفارغة ويؤكد الغزالى ان الاسلام دين يطارد الخرافة من الفكر والرذيلة من القلب والزيغ عن الخطو والشرود عن السيرة وهو يشكل المشاعر والافكار الانسانية تشكيلا يجتذب العقل الى الحق والفؤاد الى الفضيلة وضرب مثلا بالصلاة فهى حركات وسكنات لا د خل للعقل فى وضعها بيد ان العقل يعى جيدا ما يقرأ فى وقفاتها وما يمجد به الله فى ركوعها وسجودها وعلى قدر يقظة العقل والقلب اثناء الصلاة تكون مكانة المصلى عند الله ويكون حظه من المثوبة

ثم تحدث الكاتب عن الحقيقة التالية وهى انه مع قيام الاسلام على العقل وترحابه بالفكر الجيد والبحث الاصيلا وحضه على الارتباط المادى والمعنوى بالكون عملا وتأملا ولكنه ايضا دين يعقد اوثق العلاقات بالقلب اليقظان والمشاعر الجياشة فالاسلام المكتمل ليس نظرية علمية وليس فكرة مجردة انه قلب انفتحت اقفاله واشرق معنى الحب فى جوانبه


--------------------------------------------------------------------------------

القدرات العقلية

فى حديثه عن القدرات العقلية فى القرآن الكريم قال د/ ماجد الكيلانى اشار الى ان الاشارة اليها قد كان فى صورة الفعل وليس الاسم وبإعتبارها وظيفة من وظائف القلب وفعل من أفعاله التى تجلرى داخل الانسان قبل أن تتحول الى ممارسات حسية على اعضائه الخارجية ( أفلم يسيروا فى الارض فتكون لهم قلوب يعقلون بها ) سورة الحج46

فالعقل اذا اشارة الى وظيفة وليس شيء قائم بنفسه ا.ه

ثم تحدث عن تصنيف هذه القدرات العقلية فوضعها فى عدة صور منها قدرة العقل وقرة التأويل وقدرة التدبر واخرى وذكر عن قدرة االتدبير أنها وردت فى قوله تعالى ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) سورة محمد 24

وعندما تحدث عن التفكير ذكر الكاتب ان القرآن الكريم يجعل خطوات التفكير العلمى صفة أساسية من صفات المؤمن وينهى عن مخالفتها ويتوعد بالمحاسبة عليها ( ولاتقف ماليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا) سورة الاسراء 36

وقد قسم الكاتب التفكير الى تفكير شامل يرتبط بأوقات الاجتهاد والازدهار العلمى وتفكير جزئى يرتبط باوقات الجمود والتقليد والميل للهوى . وفى معرض حديثه عن تنمية القدرات العقلية وانها فى حاجة الى مراعاة عدد من الامور منها ان القدرات العقلية تولد كامنة فى الانسان وتنمو وتشتد بالرعاية والتدريب وتضعف وتموت بالاهمال وسوء الاستعمال او سوء التربية كما وردت الاشارة فى ذلك الى قوله تعالى (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) المطففين 14

وثمرة التربية العقلية الناقصة او الخاطئة هى العجز الموضح فى قوله تعالى ( لهم قلوب لايفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ) الاعراف179

من أدعية الشيخ القرضاوى

اللهم داوِ جراح معاصينا بدواء طاعتك، ونوِّر ظلام قلوبنا بنور هدايتك، أمدنا بروح من عندك، وأعنا على أنفسنا الأمارة بالسوء، حتى تتحول إلى أنفس لوَّامة، وأنفس مطمئنة راضية مرضية