تكنولوجيا
06-04-11, 09:08 AM
أنت فاسد أيضاً
بقلم/ سعيد الحاتمي
يظل الفساد أحد أهم القضايا التي يتم علكها هذه الأيام وبشكل هستيري سواء في المجالس العامة الواقعية منها أو تلك التي توفرها العوالم الافتراضية..
ما يميز هذا الموضوع عن غيره من القضايا أنه من ذلك النوع المتاح للجميع الخوض فيه، فأنت لا تحتاج إلى تجربة آدمية من نوع معين أو اطلاع على جانب ما لكي تخوضا حديثا عابرا أو متعمقا في قضية ما تقع في المربع العتيد المسمى فسادا. أمر آخر يميز هذا المفهوم عن غيره وهو القدرة المطاطية للكلمة على احتواء أي سلوك غير سوي يمارسه الشخص أثناء أداءه لوظيفة عامة تحقيقا لمصلحة شخصية أو غير شخصية ولكنها في النهاية تخرج عن الهدف الرئيس من القيام بالعمل. ما يهم أن جميعنا مستعد للخوض في هكذا نقاش وفي أي وقت وفي أي مكان. علاوة على ذلك فإن جميعنا يتفق على إنكار هذا الفعل وعلى استشراءه بين شريحة عريضة من الموظفين وفي جميع الجهات وعلى اختلاف مستوياتهم الوظيفية، وفي نهاية النقاش نتفق جميعنا أيضا وبطريقة ببغائية على وجود عور في الأجهزة الحكومية بدليل وجود هذا الفساد..
نتكلم وكأن هؤلاء الموظفين جاءوا من كوكب آخر أو أنهم لا يمتون بصلة لهذا المجتمع الذي صنعهم وسوغ لهم ممارسة الفساد.. نلوك الموضوع بترفع وبنرجسية وكأننا من طينة مختلفة غير تلك التي خلق الله منها هؤلاء البشر (المفسدون) وننسى أو نتناسى أننا بطريقة أو بأخرى نمارس فسادا ما قد لا يقل شناعة عن ذلك الذي أنكرناه قبل قليل.. أو أننا قد نكون طرفا في فساد ما قام به هؤلاء ولكننا في هذه الحالة وحين يتعلق الأمر بمصالحنا سنبحث عن كلمة أخرى نلطف بها الفعل من قبيل: (تقديم خدمة أو مساعدة أو استثناء أو تبادل منفعة) إلى آخر هذه المصطلحات التي لا تخرج عن المربع العتيد..
في أحد المرات كان أحد الزملاء يخبرني يحنق أن فلانا من الناس يعمل مديرا بمصلحة الأسكان بالمنطقة ويمنح أقاربه أراضي ومساكن لا يستحقونها.. كان يسرد لي الحكاية بانفعال شديد.. سألته كيف حصل هو على رقم ثنائي مميز لسيارته وأنا الذي لم أجد أفضل من رقم خماسي ليس به رقمين متشابهين.. لم ينكر أن والده الذي يعمل بالشرطة دبر له الأمر.. حين سألته عن الفرق بينه وبين من رضي أن يأخذ أرضا ليست من حقه اعترض بأنه لا يمكن مقارنة أرض بموقع مميز برقم سيارة.. أجبته بما أنه رضي بأن يمنحك رقما مميزاً لسيارتك كان سيمنحك أرضاً لو أنه استطاع..
زميل عمل آخر طاف على أغلب ميادين الاعتصامات في البلاد وأرهق حنجرته في الزعيق والمطالبة بمحاسبة المفسدين.. قبل مدة بسيطة تغيب عن عمله بحجة أصابة طفيفة في قدمه.. وحين سألته عن كيفية حصوله على أجازة مرضية لمدة إسبوعين لسبب لا يستحق حتى يوما واحدا أجاب وبابتسامة ظفر: أن أخته الطبية بالمستشفى الفلاني دبرت له الأمر.. فقلت له ليتك ما أرهقت نفسك اعتصاما..
هل يمكننا أن نسمي ذلك نفاقاً؟! أم انه ازدواج في المعايير؟ أم أننا مجرد ظاهرة صوتية لا تؤمن بما تقول؟ شخصيا لا أعرف ماذا يمكنني تسمية ذلك ولكن ما أعرفه جيدا أن جميعنا ودون استثناء نمارس في يومياتنا فساداً من نوع معين قد لا يقل دناءة عن ما يقوم به آخرون إن لم يكن أشد منه فداحة.
بقلم/ سعيد الحاتمي
يظل الفساد أحد أهم القضايا التي يتم علكها هذه الأيام وبشكل هستيري سواء في المجالس العامة الواقعية منها أو تلك التي توفرها العوالم الافتراضية..
ما يميز هذا الموضوع عن غيره من القضايا أنه من ذلك النوع المتاح للجميع الخوض فيه، فأنت لا تحتاج إلى تجربة آدمية من نوع معين أو اطلاع على جانب ما لكي تخوضا حديثا عابرا أو متعمقا في قضية ما تقع في المربع العتيد المسمى فسادا. أمر آخر يميز هذا المفهوم عن غيره وهو القدرة المطاطية للكلمة على احتواء أي سلوك غير سوي يمارسه الشخص أثناء أداءه لوظيفة عامة تحقيقا لمصلحة شخصية أو غير شخصية ولكنها في النهاية تخرج عن الهدف الرئيس من القيام بالعمل. ما يهم أن جميعنا مستعد للخوض في هكذا نقاش وفي أي وقت وفي أي مكان. علاوة على ذلك فإن جميعنا يتفق على إنكار هذا الفعل وعلى استشراءه بين شريحة عريضة من الموظفين وفي جميع الجهات وعلى اختلاف مستوياتهم الوظيفية، وفي نهاية النقاش نتفق جميعنا أيضا وبطريقة ببغائية على وجود عور في الأجهزة الحكومية بدليل وجود هذا الفساد..
نتكلم وكأن هؤلاء الموظفين جاءوا من كوكب آخر أو أنهم لا يمتون بصلة لهذا المجتمع الذي صنعهم وسوغ لهم ممارسة الفساد.. نلوك الموضوع بترفع وبنرجسية وكأننا من طينة مختلفة غير تلك التي خلق الله منها هؤلاء البشر (المفسدون) وننسى أو نتناسى أننا بطريقة أو بأخرى نمارس فسادا ما قد لا يقل شناعة عن ذلك الذي أنكرناه قبل قليل.. أو أننا قد نكون طرفا في فساد ما قام به هؤلاء ولكننا في هذه الحالة وحين يتعلق الأمر بمصالحنا سنبحث عن كلمة أخرى نلطف بها الفعل من قبيل: (تقديم خدمة أو مساعدة أو استثناء أو تبادل منفعة) إلى آخر هذه المصطلحات التي لا تخرج عن المربع العتيد..
في أحد المرات كان أحد الزملاء يخبرني يحنق أن فلانا من الناس يعمل مديرا بمصلحة الأسكان بالمنطقة ويمنح أقاربه أراضي ومساكن لا يستحقونها.. كان يسرد لي الحكاية بانفعال شديد.. سألته كيف حصل هو على رقم ثنائي مميز لسيارته وأنا الذي لم أجد أفضل من رقم خماسي ليس به رقمين متشابهين.. لم ينكر أن والده الذي يعمل بالشرطة دبر له الأمر.. حين سألته عن الفرق بينه وبين من رضي أن يأخذ أرضا ليست من حقه اعترض بأنه لا يمكن مقارنة أرض بموقع مميز برقم سيارة.. أجبته بما أنه رضي بأن يمنحك رقما مميزاً لسيارتك كان سيمنحك أرضاً لو أنه استطاع..
زميل عمل آخر طاف على أغلب ميادين الاعتصامات في البلاد وأرهق حنجرته في الزعيق والمطالبة بمحاسبة المفسدين.. قبل مدة بسيطة تغيب عن عمله بحجة أصابة طفيفة في قدمه.. وحين سألته عن كيفية حصوله على أجازة مرضية لمدة إسبوعين لسبب لا يستحق حتى يوما واحدا أجاب وبابتسامة ظفر: أن أخته الطبية بالمستشفى الفلاني دبرت له الأمر.. فقلت له ليتك ما أرهقت نفسك اعتصاما..
هل يمكننا أن نسمي ذلك نفاقاً؟! أم انه ازدواج في المعايير؟ أم أننا مجرد ظاهرة صوتية لا تؤمن بما تقول؟ شخصيا لا أعرف ماذا يمكنني تسمية ذلك ولكن ما أعرفه جيدا أن جميعنا ودون استثناء نمارس في يومياتنا فساداً من نوع معين قد لا يقل دناءة عن ما يقوم به آخرون إن لم يكن أشد منه فداحة.