المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هيام المفــــــــــــــــــــــلح 2



الشيخ
09-07-07, 08:58 PM
قصة بغمضة عين !!

" ينبغي أن لا يكون للصندوق أكثر من مفتاح واحد ! "

هذا قانون حياتي الذي لن أحيد عنه ما حييت .

هو منبع أستمد منه شعوري بالأمان .. ربما .

أو هو رغبة مني في تحصين نفسي ضد الغدر والخيانة .. ربما.

وربما ..

هو حب التملك والسيطرة ، وغريزة جامحة في أن أكون دائما سيد الموقف !

***

عندما اخترت تخصصي الدراسي .. حرصت على أن يكون في مجال لم يدخله أحد من أسرتي !

قد لا ترون رابطا بين هذا وبين قانون حياتي الذي أؤمن به .. ولكنني أخالفكم الرأي .. لأن دخولي في تخصص منفرد عنهم يجعلني متميزا بينهم .. يفتح لي بابا خاصا بي ، لا يعلم تفاصيله غيري .

عندما تصادفهم مسألة تتعلق باختصاصي .. يتجهون لي .. يقصدونني للمشورة .. فتتضخم ذاتي .. ويتعملق رأسي .

وحدي الذي يملك مفتاح هذا الموضوع في الأسرة !

******

لم أعط سري – في يوم – لأحد .. لا صديق ولا قريب !

كل أسراري ألقيها في بئري العميقة القرار ، وأغلق فوهته بمفتاحي الأوحد .

لا أحب نشر غسيلي النظيف ، ولا الوسخ ، أمام الناس ، لأنه من خصوصياتي ، من شؤوني الحميمة المحفوظة في صناديق نفسي ، والمخزنة في دهاليز ذاتي المعتمة !

***

أدير عملي بمفردي .. لم أضع لي مديرا ولا نائبا !

ولماذا أسلم مفتاح عملي لإنسان غيري ؟

لماذا أجعل كل العيون الفضولية تقتات أخبار عملي وصفقاتي ، فتحرقني بحسدها ، وتكيد لي ، وتحاربني من حيث أدري ولا أدري ؟!

***

حتى سيارتي .. رفضت أن يكون لها مفتاح بديل !

مع أنني – ذات يوم – نسيت مفتاحي بداخلها .. ووجدت نفسي في موقف لا أحسد عليه ، وتعرضت لمطر من سهام اللوم والتقريع ممن حولي .

لكن رأسي الصخري بقي على عناده ..تمسك بقانونه كمن يتشبث بطوق نجاة في خضم بحر هائج !

***

وحين انتهى بناء منزلي الخاص .. تأكدت من وجود المفاتيح الأصلية لكل باب .. وضممتها الى سلسلة مفاتيحي .

ليس هناك من ينافسني في عدد المفلتيح التي أحملها في سلسلتي .ز ولهذا .. لا تستغربوا ان رأيتم اسمي – يوما ما – منقوشا في كتاب " جينيس " للأرقام القياسية !

***

لولا الحاح أهلي .. ولولا أنها سنة الحياة .. لما فكرت في الزواج مطلقا !

لذلك .. كانت لي شروطي :

- - أريد امرأة لا يملك مفتاحها غيري !

رأسي الصخري ، الذي أعرفه جيدا ، انتصب جبلا في وجه أعاصير التساؤلات التي أثيرت في محيط الأسرة :

- - أي مفتاح يا مجنون .. أنت تتكلم عن بشر من لحم ودم ، وليس عن صندوق خردة ؟!

لم يستطيعوا أن يفهموا أن للبشر مفاتيحهم أيضا !

***

بعد مداولات ساخنة .. ومشاورات حادة ..

وفي جو تحوم في سمائه دبابير السخرية ، وذباب الغيظ والحنق .. وافق الجميع على تزويجي بمن أريد ..

كانت طفلة في الرابعة عشرة من عمرها !

***

قطعة من صلصال خام .. لم تفتح قلبها نسمة .. ولا فتحت عقلها فكرة !

كل مفاتيحها في يدي .ولكي أريح بالي من ناحيتها .. أبقيت قلبها وعقلها مغلقين ، ووضعت مفتاحيهما في سلسلتي .. ونمت مطمئنا !

***

بالغت في اطمئناني تجاه بيتي ..

فلم ألاحظ زوجتي – الطفلة – وهي توزع ببراءتها تفاصيل منزلي ، وأسرارمجلسي ، ومخدعي ، ومطبخي ، وكل خزائني ..

تنثرها على الأهل والجيران .. كقطع الحلوى !!

***

أرضية بيتي أحسها تعوم فوق بحيرة مضطربة .

وجدرانه زجاجية شفافة .. وأبوابه ونوافذه مشرعة تصفق فيها ريح عاتية..

وأوراقي الخاصة تتطاير أمام ناظري مثل العصافير ..

في كل الجهات !

***

أصبح لكل مفتاح .. عشرات النسخ !

تفتت الأمان في صدري وهرب كفئران مذعورة .

انفرطت سلسلتي .. وبغمضة عين .. ضاعت من يدي كل المفاتيح !!

مع التحية الشيخ