التعريف بالشاعر :
بدر شاكر السياب شاعر عربيعراقي ولد1929م بقرية ( جيكور) بالبصرة ، كانت طفولته سعيدة يحب مراقبة السفنوالمراكب وقد تركت حكايات جدته انطباعات عميقة الأثر في نفسه جسدها شعرا فيما بعد ،أتم تعليمه الثانوي فيها ثم التحق بدار المعلمين ببغداد وتخصص في اللغة العربيةوالإنجليزية وزادت شهرته من خلال المجالس الأدبية عمل معلما كما عمل في الاستيرادوالتصدير بميناء البصرة ، وخسر في الجميع لمواقفه السياسية فقد كانت الحركاتاليسارية العربية في العراق مشتعلة وقد انضم السياب إلى الموجة الشيوعية والتيانعكست على شعره فاتسم بالبعد عن مقتضى الإيمان ثم حدثت بعض المفارقات التي أبعدتهعن الفكر الشيوعي فقد كان طريدا من قبل الحكومة مما دفعه للجوء إلى إيران . أصيبالسياب بداء عضال أقعده فكان الجسر الذي عبر من خلاله إلى التوبة وتفجرت من خلالهالمعاني الإيمانية ، يعد من رواد شعر التفعيلة ، وقد تأثر السياب بالأدب العربي والأوروبي والإنجليزي والصيني مما كان عاملا لنزوعه إلى الأسطورة والرمز ، له عدةدواوين منها : أزهار ذابلة وأساطير وأنشودة المطر وقد جمعت في مجلدين .
مناسبة القصيدة
اتخذ بدر شاكر السياب من المطر رمزا واسعا قادرا علىحمل هواجس النفس الإنسانية. فيتخذ الشاعر من موطنه العراق حبيبة يتغنى بها ويتمنىأن يعم وطنه الخير والخصب والنماء منطلقا من همه الفردي الخاص إلى عرض بعض الهمومالاجتماعية مثل : الفقر والجوع على الرغم من وجود الخير الكثير في بلده .
الفكرة الأولى:-1 ذكريات الشاعر الجميلة

عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحر
أو شرفتانِ راحَينأى عنهُما القمر
عيناكِ حين تبسمانِ تُورقُ الكروم
وترقصُ الأضواءُ.. كالأقمارِ في نهر
يرجُّهُ المجدافُ وَهْناً ساعةَ السحر...
كأنّما تنبُضُ فيغوريهما النجوم
وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيف
كالبحرِ سرَّحَ اليدينِفوقَهُ المساء
دفءُ الشتاءِ فيه وارتعاشةُ الخريف
والموتُ والميلادُ والظلامُوالضياء
فتستفيقُ ملء روحي، رعشةُ البكاء
ونشوةٌ وحشيةٌ تعانقالسماء
كنشوةِ الطفلِ إذا خاف من القمر
كأنَّ أقواسَ السحابِ تشربُ الغيوم..
وقطرةً فقطرةً تذوبُ في المطر...
وكركرَ الأطفالُ في عرائش الكروم
ودغدغتصمتَ العصافيرِ على الشجر
أنشودةُ المطر
مطر
مطر
مطر




المفردات:
السحر : قبل الصبح (ج) أسحار ، ينأى : يبتعد ، تورق : تكثر أوراقها " دلالةعلى الإزهار والإثمار" ، الكروم : شجر العنب ، يرجه : يهزه بشدة ويحركه ، المجداف : خشبة يحرك بها القارب (ج) مجاديف ، وهناً : نصف الليل ووَهِنَ بمعنى أصابه الوجعويقال "دخل في الوهن من الليل " ، تنبض : تحرك الشيء في مكانه ، غور : القعر والعمق (ج) غيران وأغوار ، تغرقان : يغلب عليها الماء حتى يهلكها ، الضباب : سحاب يغشىالأرض كالدخان ، أسى : حزن ، شفيف : شديد ، سرَّح : أرسل ، ارتعش : ارتجف واضطرب ،تستفيق : أفاق فلان أي عاد إلى طبيعته من غشية لحقته ، ملء : قدر ما يأخذه الإناء ،رعشة : رجفة ، نشوة : الارتياح للأمر والنشاط له والمراد بها الرغبة ،وحشية : عارمة لا يسيطر عليها ، تعانق : تحتضن حباً ، أقواس : مفردها قوس وهو جزءمن محيط الدائرة ، الغيوم : السحب مفردها غيمة ، تذوب : تسيل ، كركر : ضحك بشدة ،عرائش : مفردها عريشة وهو ما يستظل به ، دغدغ : غمزة تسبب انفعالا ، أنشودة : الشعرالمتناشد بين القوم (ج) أناشيد .



















الشرح
يتخيل الشاعر العراق حبيبة لهويتذكر من خلالها ذكرياته الجميلة بها فيتذكر غابات النخيل الشامخة في أواخر الليلبهدوئها وسكونها ، فعندما يعم السلام والسعادة في العراق تتحرك كل مباهج الكونوتعزف أنشودة الحياة التي يراها في شجر الكروم الذي كثرت أوراقه وكذلك في الأضواءالمنبعثة من القمر التي تتراقص وتتلألأ على سطح الماء عندما يتحرك المجداف بضعفقبيل الصباح . يتذكر الشاعر لمعان النجوم الخافت الذي يكاد يختفي في الضباب الشديدمما يسود البلاد من حزن شديد للأوضاع العامة فيعم الظلام على البحر والبر وبدأالشاعر يستشعر بالعراق فشعر بدفء شتاء الوطن
ورعشة الخريف فيه فتدور بداخله ملحمةعظيمة يروى من خلالها قصة الحياة بين الموت والميلاد ، بين النور والظلام ، مماأفاق بداخله الشعور الجارف بالبكاء على هذا الوطن فيشعر بالرغبة الشديدة للتحرروالارتباط بعالم السماء الرحب فيرى بصيص من الأمل المتمثل في المستقبل والطفل ،ويعود مرة أخرى فيتذكر طفولته في العراق وقد امتلأ الجو فيها بالسحب الماطرة التيبدأت تقضي على الغيوم فيسقط المطر قطرة قطرة وقد تهلل الأطفال فرحين في عرائش العنبوبدا المطر محركاً لصوت العصافير على الشجر يعزف أنشودة الحرية والخصب والنماء " مطر... مطر.... مطر " .

مواطن الجمال :
· عيناك غابتا نخيل ساعة السحر : شبه عينا الحبيبة بغابتي النخيل وقت السحر للدلالة على الهدوء والسكون .
· أوشرفتان راح ينأى عنهما القمر: شبه عينا الحبيبة بالشرفتين اللتين بعد عنهما القمرللدلالة على الأمل في التحرر من الليل .
· يلاحظ استخدام الشاعر للجمل الاسميةمما يوحي بالسكون والهدوء ويبدأ يعقبها بالجمل الفعلية التي تسبب الحركة وبدءالحياة وتجددها مثل : " تورق الكروم ، ترقص الأضواء ، يرجه المجداف ، تنبض فيغوريهما .........."
· استخدام الشاعر للأفعال المضارعة للدلالة علىالاستمرارية والدوام
· عيناك حين تبسمان : تراسل حواس حيث أعطى وظيفة الفم للعين .
· استعارة مكنية شبه العين بالإنسان الذي يبتسم .
· ترقص الأضواء : استعارمكنية شبه الأضواء بإنسان يرقص .
· ترقص الأضواء كالأقمار في نهر : شبه رقصالأضواء باهتزاز القمر في النهر عندما يتحرك المجداف فوق الماء .
· كأنما تنبضفي غوريهما النجوم : استعارة مكنية شبه النجوم بالقلب الذي ينبض .
· وتغرقان فيضباب من أسى شفيف : استعارة تمثيلية شبه النجوم التي تختنق بالضباب بالإنسان الذييغرق في الحزن الشديد .
· كالبحر سرح اليدين فوقه المساء: استعارة مكنية شبهالمساء بالإنسان الذي أرسل يده فوق البحر.
· الموت والميلاد ، الظلام والضياء : طباق يوضح المعنى ويبرزه .
· ونشوة وحشية تعانق السماء: وصف النشوة بالوحشيةدلالة على عدم قدرته على السيطرة عليها
· وفيها استعارة مكنية شبه النشوةبالحيوان المفترس ، وشبه السماء بالإنسان الذي يعانق ، وشبه النشوة بالإنسان الذييعانق .
·ونشوة وحشية كنشوة الطفل إذا خاف من القمر : شبه النشوة الوحشية بنشوةالطفل عند خوفه من القمر .
· وهنا إشارة لأسطورة خسوف القمر والخوف الذي يدفعالأطفال للغناء والإنشاد.
· والطفل هنا يرمز إلى المستقبل الذي يبشر بالأمل .
· كأن أقواس السحاب تشرب الغيوم: استعارة مكنية شبه السحاب بالإنسان الذي يشربالغيم.
· وقطرة فقطرة تذوب في المطر : تقديم ما حقه التأخير
· وكركر الأطفالفي عرائش الكروم : كناية عن السعادة التي يحملها المستقبل و تجدد الحياة وولادةالعالم الفتي الذي بدأ يلوح في الأفق .
· ودغدغت صمتَ العصافير على الشجر: كنايةعلى الحرية والانطلاق
· تكرار كلمة مطر يدل على حرص الشاعر على إظهار أثر المطرفي الخصب والنماء.
الفكرة الثانية:-2المناحي التي تبعث السرور والحزن في نفس الشاعر
تثاءبَ المساءُ والغيومُ ما تزال
تسحّ ما تسحّ من دموعها الثقال:
كأنّطفلاً باتَ يهذي قبلَ أنْ ينام
بأنّ أمّه - التي أفاقَ منذ عام
فلم يجدْها،ثم حين لجَّ في السؤال
قالوا له: "بعد غدٍ تعود ..."
لا بدّ أنْتعود
وإنْ تهامسَ الرِّفاقُ أنّها هناك
في جانبِ التلِ تنامُ نومةَاللحود،
تسفُّ من ترابها وتشربُ المطر
كأنّ صياداً حزيناً يجمعُالشباك
ويلعنُ المياهَ والقدر
وينثرُ الغناء حيث يأفلُ القمر
مطر، مطر،المطر

أتعلمين أيَّ حزنٍ يبعثُ المطر؟
وكيف تنشجُ المزاريبُ إذاانهمر؟
وكيف يشعرُ الوحيدُ فيه بالضياع؟
بلا انتهاء_ كالدمِ المُراق،كالجياع
كالحبّ كالأطفالِ ، كالموتى –
هو المطر
ومقلتاك بي تطيفان معالمطر
وعبرَ أمواجِ الخليجِ تمسحُ البروق
سواحلَ العراقِ بالنجومِوالمحار،
كأنها تهمُّ بالشروق
فيسحبُ الليلُ عليها من دمٍ دثار
أصيحُبالخيلج: "يا خليج
يا واهبَ اللؤلؤ والمحارِ والردى"
فيرجع الصدى
كأنّهُالنشيج:
"يا خليج: يا واهب المحار والردى"


المفردات :
تثاءب : حركة للفم لا إرادية من هجوم النوم أو الكسل ، تسح : تنزل وتنصب، الثقال : الشيء الكريه للنفس ، يهذي : تكلم بغير معقول لمرض ، أفاق : تنبه ، لج : ألح ولزم الشيء ولم ينصرف عنه ، تهامس : تكلم بصوت منخفض ، التل : ما علا من الأرض (ج) تلال ، اللحود : مفردها لحد وهو القبر ، تسف : تأكل ، يلعن : يسب ، القدر : قضاء الله ، ينثر : ينشر ، يأفل : يغيب ، تنشج : ونَشَجَ الباكي يَنْشِج نَشْجاًونَشيجاً، إذا غَصَّ بالبكاء في حلقه من غير انتحاب ، المزاريب : مفردها مزراب وهيمجاري للماء ، انهمر : سال بشدة ، الضياع : الفقد والهلاك ، المراق : المسال ،مقلتاك : عيناك ، تطيفان : تأتيان كالخيال ، المحار : حيوان بحري ينتج اللؤلؤ ، تهم : تشرع ، دثار : ما يتدثر به ( يتغطى به) الإنسان من كساء أو غيره ، واهب : معطي ،الردى : الموت والهلاك ، الصدى : رجع الصوت .
















الشرح :
يستمر الشاعر فيتداعي الذكريات التي تربطه بالوطن في تعبيرات رمزية رائعة ، فيرى دخول الليل ومازالت الغيوم تنزل المطر الذي أثقل كاهلها فيرى أبناء العراق الذين استفاقوا منغفوتهم للتحرر يحملون معهم الأمل الذي سيتحقق طالما أصروا عليه وقد أخذ بعض الرفاقالبعيدين عن الوطن يتكلمون همسا أن العراق ما زالت في رقادها وذلها وهوانها فالشعبيعاني فيها في يأس وحزن ينعى حظه وقدره يحاول أن يتغلب على قهره بالغناء عندما يغيبالقمر منشدا " مطر... مطر .."
ثم يوضح الشاعر أن المطر يبعث الحزن في نفسه ،فعندما ينهمر المطر ويسمع صوت وقع الماء من المزاريب وكأنه بكاء عنيف يشعر الإنسانالوحيد بالضياع والهلاك ولا ينتهي هذا الشعور كالشعور الناجم من رؤية الدم المسالوالناس الجوعى أو الشعور بالحب المتجدد والحنين للوطن والشعور النابع من رؤية طفلأو ميت ، فالمطر يطلق هذا الشعور باستمرارية .
تمر علي هذه الأطياف أطياف الوطنمع هطول المطر فأقف أتأمل أمواج الخليج التي تحمل معها الأمل من جديد وقد رأيتالأحرار الذين يعدون أنفسهم لتخليص العراق من الظلم واسترداد ثرواتها المسلوبةوكأنهم سيشرقون بعراق جديد ولكن هذه المحاولات انتهت بالفشل وسالت دماء هؤلاءالأحرار ومن بقى منهم لاجئا بعيدا عن وطنه ليس له إلا أن ينادي على الخليج الذي يهبالخير والعطاء وكذلك الهلاك لصعوبة الحصول على خيراته ولكن تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن وتفشل هذه الحركات التحررية .
مواطن الجمال :
· تثاءبالمساء : استعارة مكنية شبه المساء إنسانا يتثاءب
· الغيوم ما تزال تسح ما تسحمن دموعها الثقال : استعارة مكنية شبه الغيوم بالمرأة التي تبكي بشدة .
· دموعهاالثقال : كناية عن شدة ما يعانيه الوطن من ظلم وقهر .
· كأن طفلا بات يهذي قبلأن ينام : : يربط الشاعر صورة الغيوم التي تذرف الدمع بصورة الطفل الذي فقد أمهويبكي سائلا عنها
· يستخدم الشاعر الطفل رمزا للمستقبل الذي يحمل الأمل فيالحرية
· ويستخدم الشاعر الأم رمزا للوطن المستعمر .
· حين لج في السؤال
قالوا له بعد غد تعود
لا بد أن تعود : نلمح إصرار الشاعر وتحدي المناضلالطريد على تحرير الوطن وعودة العراق حرة كما كان.
· وإن تهامس الرفاق : الهمسهنا يدل على مدي الخوف والقلق الذي يملأ النفوس .
· تنام نومة اللحود : كناية عنالموت والخراب الذي حل بالوطن.
· تسف من ترابها وتشرب المطر: كناية عن الذل الذيتعيش فيه العراق.
· كأن صيادا حزينا يجمع الشباك
ويلعن المياهوالقدر
وينثر الغناء حيث يأفل القمر : ربط الشاعر حال العراق بحال الصياد الذينصب شباكه للصيد وأتى المطر وخرب عليه الصيد فأخذ يجمع شباكه لاعناً القدر الذي لميمكنه من صيده .
· فالصياد رمز للشعب اليائس الحزين الذي يصارع الحياة .
· وينثر الغناء حيث يأفل القمر : كناية عن الألم الذي يعانيه الشعب في وجود الظلموالاحتلال .
· تكرار كلمة " مطر " يدل على الثورة العارمة والصراع .
· أتعلمين أي حزن يبعث المطر ؟ وكيف تنشج المزا ريب إذا انهمر؟ وكيف يشعر الوحيد فيهبالضياع ؟
أساليب إنشائية استفهام غرضها التقرير .
· كالدم المراق .. كالجياع.. كالحب .. كالأطفال .. كالموتى : كلمات تحمل ترسبات الماضي في نفس الشاعرمما يوحي بالمفارقات الكامنة بنفسه .
· تمسح البروق سواحل العراق : استعارةمكنية شبه البروق بالإنسان الثائر ضد الظلم .
· النجوم والمحار : كناية عنالثروات الموجودة بالعراق .
· كأنها تهم بالشروق : كناية عن الأمل في زوالالمستعمر .
· فيسحب الليل عليها من دم دثار : شبه الليل بالإنسان الذي يغطي ،والدم بالغطاء ، دلالة على العنف المتواجد في العراق .
· يا خليج ، يا واهباللؤلؤ والمحار والردى : أسلوب نداء يدل على بعد الشاعر وغربته عن الوطن
· اللؤلؤ والمحار والردى : اللؤلؤ والمحار كناية عن مهنة الغوص والتي ارتبطت بالموتللدلالة على صعوبة العيش في العراق
· كأنه النشيج : كناية عن الألم الذي يعتصرالعراق من المستعمر.
· عودة الصدى " يا واهب المحار والردى " تحمل دلالة ضياعخيرات العراق وثروات .

الفكرة الثالثة: 3 - الهم الذي يؤرق السياب

أكادُ أسمعُالعراقَ يذخرُ الرعود
ويخزنُ البروقَ في السهولِ والجبال
حتى إذا ما فضّ عنهاختمَها الرجال
لم تترك الرياحُ من ثمود
في الوادِ من أثر
أكادُ أسمعُالنخيلَ يشربُ المطر
وأسمعُ القرى تئنّ، والمهاجرين
يصارعون بالمجاديفوبالقلوع
عواصفَ الخليجِ والرعود، منشدين
مطر.. مطر .. مطر


المفردات :
يذخر : خبأ لوقت الحاجة ، الرعود : صوت السحابالمصطدم المحمل بالمطر ، البروق : مفردها برق وهوا للمعان الناتج من اصطدام السحبببعضها ، فضّ : فض الشيء فرقه ، ختمها : ختم النحل أي ملأ خليته عسلا ، واختم الشيءأي أتمه ، ثمود : إشارة إلى قوم ثمود الذين أخذهم الله بالصيحة والرجفة والزلزلة ،تئن : تتألم ، المهاجرين : المستعمرين ، يصارعون : يقاتلون ، المجاذيف : مفردهامجذاف وهو ما تتحرك به السفينة ، القلوع : مفردها قلع وهو الشراع ، عواصف : مفردهاعاصفة وهي الريح الشديدة .



الشرح
في هذا المقطع يوضح السياب الهم الذيسبب له الأرق وهو المستعمر الذي غزا بلاده فنجده يعايش الموقف بالعراق فالثورةقائمة والعراقيون يستعدون للقاء المستعمر وحربه ولكن تفرقوا وتشتت أمرهم فلم يبقإلا صوت المطر الذي يضفي الحزن في النفس وكذلك القرى التي لحقها الدمار من جراءالصراع الذي دار بينهم وبين المستعمر لاقتلاع خيرات الخليج .

مواطنالجمال
· أسمع العراق : شخص الشاعر العراق بالإنسان الذي يتكلم .
· يذخرالرعود ، يخزن البروق : أساليب خبرية تدل على الثورة الموجودة داخل العراق .
· لم تترك الرياح من ثمودفي الوادي من أثر : إشارة إلى قوم ثمود الذين أخذهم اللهبالصيحة والرجفة والزلزلة وقد التبس الأمر على الشاعر بين قوم عاد وثمود فعاد هم منأخذوا بالريح الباردة " وهنا لجأ الشاعر إلى استخدام معاني القرآن الكريم "
· أكاد أسمع النخيل يشرب المطر : استعارة مكنية شبه النخيل بالإنسان الذي يشرب .
· أسمع القرى تئن : استعارة مكنية شبه القرى بالإنسان الذي يئن .
· المهاجرينيصارعون عواصف الخليج : شبه أهل العراق بالعواصف في ثورتهم .

نقد القصيدة
التمهيد ..
يعد بدر شاكر السياب منالذين وظفوا المطر ليكون رمزا واسعاً على حمل هواجس النفس الإنسانية وعرض همومهالفردية منطلقاً منها إلى عدد من الهموم الاجتماعية مثل الفقر والجوع على الرغم منوجود الخير الكثير في بلده ، فقد حوّل المطر إلى قيمة ثرية غنية بالدلالات .
ولعل المحور الرئيسي الذي تدور حوله هذه الأبيات من القصيدة هو قضية العراقوالاستعمار الذي طالما حاول النيل منها ولا عجب أن تتفق هذه الرؤية مع الواقعالحالي الذي يعيشه العراق فقد استبد فيه الطامعين وحولوه إلى ساحة قتال لهدف واحدوهو الثروات العراقية التي تزخر بها .

الأفكار :
أفكار القصيدة مترابطة ،وقد ابرز الشاعر أفكاره من خلال التشخيص والتجسيم والرمز فلم يعبر عنها صراحة ولكنضمنا حيث نجده يبدأ القصيدة بذكرياته الجميلة في العراق ثم يبين المناحي التي تبعثالسرور في حياته والمناحي التي تثير الحزن فيها والأسى ، فينطلق مباشرة إلى الهمالذي يؤرقه ويؤرق العراق كلها وهو طمع المستعمر فيها .

العاطفة:
عاطفةالشاعر في هذه القصيدة إنسانية عامة ، فهو يريد أن يدفع الخطر عن وطنه المتمثل فيالمستعمر الغاصب لخيرات بلاده فحب الوطن والانتماء إلى الأرض يشترك فيه جميع الناس، فالعاطفة صادقة " بين الألم والحزن والأمل والفرحة " نابعة من حب الشاعر لوطنهوأرضه وشعبه المقهور .

الألفاظ :
استخدم الشاعر الألفاظ السهلة الواضحةموحية فجاءت ملائمة للموضوع ، وقد استخدم الشاعر الرمز للتعبير عما يريد دون خوفمثل:
الطفل : رمز للمستقبل الذي يبشر بالأمل ، والأم : رمز للوطن ، والصياد : رمز للشعب اليائس الذي يصارع الحياة ، والمهاجرين : رمز للمستعمرين الذين يغتصبواثروات العراق .

الأساليب:
تنوعت الأساليب في القصيدة بين الخبريةوالإنشائية التي توحي بالصراع المرير والحزن
فمن الأساليب الإنشائية أكثر منالنداء والاستفهام للتعبير عن الجو النفسي الذي يعيشه الشاعر.
وبالنسبة للأساليبالخبرية نجد الشاعر وفق في استخدام الجمل الاسمية التي توحي بالسكون والهدوء ويعقبها بالجمل الفعلية التي تسبب الحركة وبدء الحياة وتجددها .
وكذلك استعانالشاعر بأسلوب التقديم لما حقه التأخير مثل تقديم الحال
كما ضمن الشاعر بعضالأساليب القرآنية ويعاب عليه الخلط بين عاد وثمود .الصور والأخيلة :
جمع الشاعر بين التصوير الكلي والجزئي لتوضيح الفكرة والتعبير عن المشاعرفنجده يفصّل الصور الكلية بصور جزئية تثري العمل الفني مثل : " عيناك حين تبسمان " صورة كلية فسرها بعدة صور جزئية مثل :" ترقص الأضواء كالأقمار في نهر ، كأنما تنبضفي غوريهما النجوم ، وتغرقان في ضباب من أسى شفيف ، كالبحر سرح اليدين فوقه المساء "
فنلاحظ تداعي الصور الشعرية فالصور تتوالد داخليا لتشكل حشداً هائلا من الصورالمبنية على التشبيه والتي تعد بمثابة إشعاعات تومض بصفةدورية.


المحسنات البديعية :
غير متكلفة وقد استخدم الشاعر بعضالمتناقضات للتعبير عما بداخله من إحساس
كالموت والميلاد ، والظلام والضياء ،دفء وارتعاشة
الموسيقا:
في القصيدة نوعان من الموسيقى :
1 - خارجيةظاهرة : حيث تعتمد هذه القصيدة في بناء الموسيقا الخارجية على تفعيلة بحر الرجز " مُسْتَفْعِلُنْ " وصورها :" مُتَفْعِلُنْ ، مُسْتَعِلُن ، مُسْتَفْعِلْ ، مُتَفْعي " المتكررة مرات غير متساوية في كل سطر .
-2 داخلية : الموسيقى الداخلية نوعان :
أ – ظاهرة : وتتمثل في المحسنات البديعية والمتناقضات .
ب- خفية : تتمثل فيحسن اختيار الألفاظ الموحية التي تعبر عن الحالة الوجدانية ، والمتواليات الصوتيةالتي تحدث إيقاعاً يتوافق مع الجو النفسي والصور الحية الرائعة وترتيب الأفكار معصدق العاطفة وقوتها .
الوحدة العضوية :
تتحقق الوحدة العضوية حيث نرى أن حبالوطن والانتماء إليه يدفع الشاعر لدفع خطر المستعمر عن بلاده ، ووحدة الجو النفسيوالتي تمثلت في الفاجعة والحزن لما آل إليه الوطن الجريح.
الخصائص الفنيةلأسلوب الشاعر :
-1 اختيار الألفاظ السهلة الموحية المعبرة الموسيقية .
-2 عدم الالتزام بقافية واحدة .
-3 الميل إلى التجسيم والتشخيص والاهتمام بالصورةالشعرية.
-4 التحرر من المحسنات البديعية المتكلفة .
-5 التجديد في شكلالقصيدة .
-6 البناء على وحدة التفعيلة
-7 استخدام الرمز في قصائده .
-8 التأثر بالآداب الغربية والصينية .
-9 استخدام الأسطورة أو الحكايات المروية منالتراث .