القطرة الغيثية والوسيلة الإلهية


القطرة: النقطة وهي ما سال ج\ قِطار و قطرات.
الوسيلة: الوصلة والقربى، ج\ وسائل و وُسُلٌ.

************************************************** *


1- على باب من أهوى يلذ لـي الذل فوا عز قوم تحت أعتــــــــابه ذلوا
2- أحبتنــا إن الصـدود معذبــــــــي ولكن عذابــــــــــي مرّه فيكم يحلو
3- أجود بنفسي في هواكم ،وإنهــا لمن عندكم ،والفرع مرجعه الأصل
4- فإن تقبلوها فهو لي غاية المنى وإلا فــــــــوا ويــــلاه لو دفع البذل
5- تقطعت الأسبـــــــاب إلا إليــــكم ورثت عرى الآمـال وانفصم الحبل
6- وقد سدت الأبواب دوني فلا أرى سوى بابكم قصـــدا يحط به الرحل
7- لقد دفعتني الكـــــــائنات بأسرها إليــــــــــكم فلا قعر يقيني ولا سهل

الفكرة: تذلل وشوق ومحبة لله تعالى.

معاني المفردات :

أهوى: أميل وأعشق
يلذ : يطيب.
الذل : الضعف والمهانة.
عز: رفعة وقوة.
أعتــــــــابه: كل مِرقاة، وهي خشبة الباب التي يوطأ عليها.
الصـدود: الإعراض.
معذبــــــــي : يشق عليّ.
أجود : أبذل.
غاية : أقصى.
المنى: م\ مُنية ،كل ما يتمنى المرء.
ويــــلاه : الويل : الدعاء بالهلاك.
دفع : رفض.
البذل: العطاء والسخاء.
الأسبـــــــاب : الطرق.
ورثت : بليت.
عرى : م\ عروة: ما يستمسك به.
الآمـال: الأمنيات والأهداف.
انفصم: انقطع.
سدت : أغلقت.
دوني: أمامي.
قصـــدا: عمدا.
يحط : ينزل – يوضع
الرحل: كل شيء يعد للرحيل من متاع.
دفعتني: ردتني.
أسرها : كلها.
قعر: منتهى العمق.ج\ قعور.
يقيني: يحفظني.
سهل: أرض منبسطة لا تبلغ الهضبة.ج\ سهول

شرح الأبيات:

الأساليب الخبرية في المقطع الأول تبين حب الشاعر لله وخضوعه بين يدي الله.
يوضح الشاعر من البيت الأول مدى حبه لله وتذلله بين يديه أثناء العبادة والدعاء وتلذذه بهذا الانكسار والخضوع ويرى أن الذي يفعل ذلك فإنه مصدر عزة له ،لأولئك الذين وقفوا بباب رحمة الله وطاعته طلبا للرضا والمغفرة، ثم ينادي أحبته من السائرين إلى الله ويخبرهم بأن الإعراض أمر يشق عليه ويعذبه ويستدرك ويبين أن الإحساس بالإعراض في جنب الله أمر جميل ويحلو له ؛ لأن هذا يدفعه للاستمرار في الطاعة والتقرب بشتى الوسائل ، ويصل تقربه لله إلى التضحية بنفسه والجود بروحه في سبيل الله وحبا له، فإن هذه الروح من عند الله وهو الأحق بأن تبذل لأجله ، ثم يستخدم الشاعر أسلوب الشرط في البيت الرابع ويوضح بأن الله إذا قبلها فإن القبول أقصى ما يتمنى وقمة ما يأمل ويهدف؛ أمّا إذا حصل العكس فإنه بمثابة الهلاك له والشاعر يبدي الحسرة والألم من الرفض. ( وقد حذف الشاعر فعل الشرط ويمكن تقديره بـ: وإن ترفضوها[ مثلا] وذلك لأنه يفهم من السياق وأيضا للضرورة الشعرية ومتطلبات الوزن والقافية )
في البيت الخامس والسادس يقول : أنه لا سبيل له إلا السبيل التي يسلكها السالكون طريق الله فجميع الطرق انقطعت وكل الأبواب أغلقت وسدت والآمال بليت وتقطعت وحبل الرجاء مقطوع والحل والطريق الوحيد هو أن ينزل ويستقر بباب الله ورحمته ، فكل المخلوقات قد هدته وردته إلى الخالق الأعظم ،ولا مرد له إلا إلى الله.

الجماليات:

على باب من أهوى يلذ لـي الذل : تقديم ما حقه التأخير للاهتمام به.
يلذ لـي الذل: استعارة مكنية ،شبه الذل بالطعام اللذيذ ، الذي يقبل عليه الإنسان بكل رغبة وحب.
فوا عز قوم : أسلوب يستخدم للتأثر والتعجب.
عز- الذل : طباق إيجاب.
أحبتنــا : أسلوب نداء حذفت منه الأداة للدلالة على قرب المنادى من قلبه.
الصـدود معذبــــــــي: شبه الصدود بالإنسان الذي يعذب، استعارة مكنية. عذابــــــــــي مرّه فيكم يحلو: استعارة مكنية – وكأن العذاب طعاما يحلو ويمر.
مرّه – يحلو: طباق إيجاب.
البيت الرابع : بين الشطرين مقابلة
فــــــــوا ويــــلاه : أسلوب تحسر.
تقطعت الأسبـــــــاب إلا إليــــكم : أسلوب قصر للتخصيص.
ورثت عرى الآمـال : استعارة مكنية، شبه الآمال بالشيء الذي يعتصم بهوسر الجمال التجسيم.
البيت السادس : يصور الشاعر نفسه بالمسافر الذي سيحط رحله ويستقر بباب الله.
دفعتني : توحي بالشدة .
قعر – سهل: طباق إيجاب.


************************************************** *

8- إلـــــــــــهي لك الملك الذي لا تحيله صروف الليالي والتقلب والنقل
9- إلـــــــهي لك الملك الذي لا يُختشى عليه استلاب السالبين وإن جلوا
10- إلــــــهي أنا العبد الذي جاء حاملا ذنوبا وأوزارا بها غره الجهل
11- إلـــهي أنا العبد المسيئ الذي جنى على نفسه ما لا يطاق له حِمل
12- إليك يروم الســـــــــالكون بلوغهم فإن سلكوا غير الطريق فقد كلّوا
13- إليـــــــك يسير السائرون بقصدهم فإن قصدوا إلاك في سيرهم ضلوا
14- لديــــك يريـــــد الواصلون نزولهم فإن نزلوا حُيوا وقد هُيئ النزل

الفكرة: إظهار التذلل لله تعالى طلبا للرحمة وقبول التوبة.

معاني المفردات :

إله : معبود
تحيله:تبدله.
صروف الليالي: توالي وتقلبات
التقلب : التغير.
النقل: التحول.
يُختشى : يُخاف.
استلاب: انتزاع.
جلوا: كثروا وعظموا.
أوزار: م\ الوِزْر : الذنب.
غره : خدعه.
جنى على نفسه : جر على نفسه.
حِمل: ما يحمل على الظهر ونحوه- البعير عليه الهودج،ج\ أحمال وحمول.
يروم: يطلب.
بلوغهم : هدفهم ومقصدهم.
كلّوا: تعبوا.
النزل: المنزل ،ج\ أنزال

شرح الأبيات:

يناجي الشاعر ربه بنداءات متعددة مظهرا خلالها خضوعه واستسلامه الكامل لله وحده ، ويبين أن الله هو صاحب الملك الذي لا يتغير ولا يتبدل مهما كانت الظروف ومهما تخالفت الليالي لأن الله تعالى هو المتصرف بكل شيء – وأن ملكه لا يُخاف عليه من السالبين الطامعين المنتزعين لغير حقوقهم وإن عظموا أوكثر سوادهم، ثم يعترف الشاعر بأنه العبد الذي أذنب وحمل ذنوبا وخطايا عظيمة قام بها لجهله ،ويكرر ويقول :"أنا العبد" ليوضح صغر شأنه أمام خالقه ويؤكد تذلله لله تعالى ،وفي الأبيات(12 و13) يرى الشاعر أن اللجوء إلى الله هو السبيل للسالكين والسائرين الذين يريدون تحقيق أهدافهم ونيل رضوان الله ، لأن الذي يسلك غير طريق الله فقد تعب وكلّ والذي سار وقصد غير الهداية بالله فقد ضلّ الطريق المستقيم ولم يهتدِ ، فالكل يبغي الإقامة في الدار الآخرة بجنب الله والكل يطمع الرحمة من الله والتحية من الملائكة عند دخول الجنة ونيل المنازل العليا التي هيأها الله تعالى لعباده الصالحين.

الجماليات:

إلهي : أسلوب نداء ، وإضافة ياء المتكلم تمنح العبد شرفا ورفعة. وتكرار النداء في الأبيات يوحي بحاجة العبد الدائمة لخالقه والإصرار على إجابة طلبه.
لك الملك : أسلوب قصر بتقديم ما حقه التأخير للتخصيص.
حاملا ذنوبا وأوزارا: استعارة مكنية ، شبه الذنوب بالأشياء التي تحمل(تجسيم)
غره الجهل : شبه الجهل بالإنسان المخادع- استعارة مكنية.
************************************************** *
15- ببابك يــــــــا ذا الطول لا زلت واقفا ألازم قرع الباب ما مسني مـــل
16- وكيف يمل العبد من بــــــــاب سيد؟ ولا عــــار في عبد بذاك ولا ذل
17- وحاشاك عن طردي عن الباب دونما بلوغ المنى حاشاك لجودك يعتل

الفكرة: ملازمة باب التوبة دون ملل للوصول إلى الهدف.

معاني المفردات :

ذا الطول : صاحب الفضل.
مـــل:الضجر والسأم.
عــــار: عيب وخزي.
حاشا: براءة (معاذ الله)
بلوغ المنى : الوصول إلى الأمنية والهدف.
جودك : كرمك وسخائك.
يعتل: يرتفع ويعلو.


شرح الأبيات:

يثني الشاعر على الله بالاعتراف بأن الله هو صاحب الفضل والمنة وأنه بفضله يتقبل توبة عباده الراجعين إليه الواقفين ببابه ،ويقول: أنه يقف على باب الله راجيا قبول توبته وأنه مُصرٌ وملازم لهذا الأمر ولم يشعر بالملل لأن توبته نابعة من قلبه المحب المشتاق ، ويؤكد عدم إحساسه بالملل في البيت التالي بالاستفهام وكيف يمل العبد من بــــــــاب سيد ، حيث أن العبد لا يمل من طاعة سيده ويرغب دائما بخدمته ورضاه لأنه صاحب الفضل عليه ،ولا يرى عارا وذلا في الرجوع إلى باب السيد والرغبة الدائمة برضاه وعفوه ، فالله لا يطرد عباده الراجعين إليه والشاعر يستبعد هذا الأمر عن الله لأنه جل وترفع وتسامى بصفاته ورحمته وكرمه وسخائه،فإن الواصل بباب الله سيبلغ المنى بإذن الله.

الجماليات:

ببابك : قدم الجار والمجرور للاهتمام به.
لا زلت واقفا--ألازم قرع الباب : الجملتان تؤكدان بعضهما البعض وتبين الإلحاح في التوبة.
ألازم قرع الباب: كناية عن التوبة.
ما مسني مـــل: استعارة مكنية.
وكيف يمل العبد من بــــــــاب سيد؟ : أسلوب إنشائي طلبي استفهام والغرض البلاغي منه النفي والتعجب.

************************************************** *


18- أُخيّ إذا مــــــا شئت ملكا مؤبدا رفيــعا منيـــعا لا يخــالطه ذل
19- وملكا كبيـــــرا ظله ليس قالصا سُرادقه عرش المهيمن والظل
20- فأقبل على النفس النفيسة زكها فأفلح من زكى وفـــاز بما يغلو

الفكرة: دعوة الإخوان للحصول على الملك الأبدي الرفيع.

معاني المفردات :

مؤبدا: دائما أبدا وباقيا خالدا.
رفيــعا : شريفا .
منيـــعا: قويا.
يخــالطه: يشوبه.
قالصا : منكمشا قليلا.
النفيسة : العظيمة الغالية.
زكها : طهرها.
أفلح : نجح وفاز.
يغلو: يراه غاليا – يرفع.

شرح الأبيات:

يدعو الشاعر إخوانه من بني جنسه ويناديهم بقوله: أُخيِّ ، للحصول على الملك العظيم الرفيع القوي الذي لا يخالطه الذل والنقص الذي أعده الله تعالى لعباده الصالحين ويصفه أيضا بالكبير الذي يجاور عرش الرحمن ، وذلك لا يتم إلا بالإقبال عل النفس وملازمة تطهيرها وتهذيبها بالعمل الصالح فبذلك الفلاح والفوز .

الجماليات:

أُخيّ : أسلوب إنشائي طلبي نداء وحذفت الأداة ، والمنادى مصغرا لإظهار التودد والاستمالة.
ملكا مؤبدا- ملكا كبيـــــرا: التكرار للاستمالة والتشويق وتحفيز الهمة.
ظله ليس قالصا : استعارة مكنية ، شبه المُلك بالشجرة العظيمة التي لها ظل عظيم لا يقل.
النفس – النفيسة: جناس ناقص.