مسقط في 2 فبراير / العمانية / جاءت فكرة إنشاء بيت " الترميم" الثقافي التراثي بولاية
السيب بمحافظة مسقط كمؤسسة تطوعية تبناها بجهود ذاتية الدكتور خالد بن سليمان
الخروصي في العام 1993م من خلال إنشاء معمل لمعالجة وترميم وتجليد وحفظ
المخطوطات والوثائق التاريخية عامة مدفوع بالرغبة في الحفاظ على الإرث الوثائقي
الإنساني المتمثل في الـمخطوطات والوثائق والمراسلات القديمة .
وتساعد المؤسسة المواطنين وطلبة العلم وأصحاب المكتبات العامة والمؤسسات الثقافية
الحكومية والخاصة على تنقية وحفظ ما يدخرون من إرث حضاري عظيم يسهم في حماية
العمق الوثائقي من الضياع.
ويقول الدكتور خالد بن سليمان الخروصي صاحب ومؤسس "بيت الترميم": "إن هذه
المؤسسة تعد الأولى من نوعها، وقد تم إشهارها من قبل وزارة التنمية الاجتماعية عام
2011م"، مشيرًا إلى أن الهدف من إنشائها هو المساهمة في معالجة وترميم وتجليد
وحفظ الوثائق التاريخية حفاظا على الهوية التاريخية العمانية، والقيام بتنظيم حلقات عمل
لبعض الشباب العمانيين للقيام بمهام معالجة الكتب والمخطوطات والوثائق التالفة، ورفع
مستوى المعرفة لدى المجتمع بأهمية الحفاظ على هذه الثروة الوطنية، والطرق الصحيحة
للتعامل معها.
ويضيف لوكالة الأنباء العمانية: يتكون "بيت الترميم" من أقسام عديدة منها قسم التعقيم،
والتنظيف الميكانيكي، والمعالجة، والترميم، والتجليد، والحفظ، وقد مرت على المؤسسة
ست مراحل من التطوير، الأولى دراسة البنية المادية للمخطوطات العمانية والقيام
بصيانتها بنفس الوسائل المتبعة سابقا لدى الآباء والأجداد، وذلك من خلال الاستعانة
ببعض المصادر القديمة، والثانية اكتشاف الختم العماني للكتب والمخطوطات واستعماله
في ختم أغلفة الكتب المخطوطة، والثالثة صناعة الورق المستخدم في الترميم، والرابعة
التمكن من إزالة التغليف الحراري من الوثائق بطريقة فنية فريدة، والخامسة صيانة جلود
الكتب المخطوطة، والسادسة ابتكار آلة لصناعة الورق المستعمل في ترميم الكتب
والوثائق.
وأشار الخروصي إلى أن من الصعوبات التي واجهها "بيت الترميم" في البداية هي
نقص التمويل المالي حيث إن المواد المستخدمة في الترميم مستوردة من الخارج
وخصوصًا أوروبا، وهي غالية الثمن، وكذلك صغر مكان معمل الترميم الذي كان يقع في
منزل مستأجر، لكن مع مرور الأيام تمّ التغلب على هذه الصعوبات.
ومن خلال "بيت الترميم" تم ترميم عشرات الآلاف من الوثائق التاريخية القديمة الفائقة
الأهمية وتمتد أصولها من شرق إفريقيا إلى المغرب العربي والهند؛ حيث وكما هو معلوم
امتد الوجود العماني والانفتاح الحضاري إلى أماكن عديدة في عدد من قارات العالم، وتم
إنقاذ هذه الوثائق من التلف التام، ومن المعروف بأن الوثيقة الأصلية إذا فقدت فهي تفقد
للأبد، وإذا كانت النسخة التالفة هي النسخة الوحيدة؛ فإن الضرر أعظم حيث تُـفقد
المعلومات المدونة فيها إلى الأبد.

وتنوعت الوثائق التي تعامل معها "بيت الترميم "، حيث شملت علم الطب، وعلوم
البحار، والفلك، والجغرافيا والتاريخ بالإضافة إلى الجانب الفقهي والعقائدي.
وبلغت أعداد الكتب المخطوطة التي تمت صيانتها في "بيت الترميم" في آخر سنتين فقط
(1030) كـتـابـًا مخطوطـــًا، أما الوثائق فبلغت (10,647)، فيما بلغت المطبوعات
القديمة الـمُصانة (590)، أما الكتب المخطوطة الـموجودة حاليـًا في بيت الترميم وتنتظر
دورها للصيانة فتبلغ (333) كتابـًـا مخطوطا و (318) وثيقة، بالإضافة إلى (64) كتابــًا
مطبوعـًا.
وحول الإنجازات التي حققها "بيت الترميم" قال الخروصي: تلقينا إشادة ومباركة من
وزارة التراث والثقافة، وخطابًا من سماحة الشيخ / أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام
للسلطنة يثني على جهود القائمين على "بيت الترميم"، كما فاز "بيت الترميم" الثقافي
التراثي بجائزة السلطان قابوس للعمل التطوعي عام 2011م، وعلى جائزة الإنجاز
الثقافي لعام 2018م كأفضل مشروع ثقافي أهلي على المستوى الوطني من قبل الجمعية
العمانية للكتاب والأدباء.
ويستقبل "بيت الترميم" عددًا من الزوار من داخل وخارج السلطنة للاطلاع على ما
يحتويه من أجهزة حديثة في مجال صيانة وفهرسة الوثائق والكتب القديمة، إلى جانب
الـمشاركة في الكثير من الفعاليات الثقافية بالسلطنة.
جدير بالذكر أن من إنجازات "بيت الترميم" ابتكار آلة لصناعة الورق الـنقي الـمستعمل
في عمليات الترميم، وتمتاز بسهولة استعمالها وقوة تحملها وطاقة إنتاجها الكبيرة،
بالإضافة إلى أن مسار الـمخطوطات العمانية التي كان يتم صيانتها في دبي قد تحول
للصيانة في "بيت الترميم"، حيث أضحى بيت خبرة على المستوى الوطني في هذا
الـمجال.
وحول الطموحات المستقبلية لهذا الـمشروع قال الدكتور خالد الخروصي: " أتمنى أن
يتم تطوير "بيت الترميم" من خلال تلقي دعم مالي من بعض الجهات الحكومية والأهلية
لإنشاء مبنى متكامل ليكون بذلك أكبر مركز صيانة وفهرسة ومكتبة وثائقية في الشرق
الأوسط، وواحدًا من أكبر بيوت الخبرة العالمية، فمن خلاله يمكن القيام بصيانة أكبر قدر
من الوثائق التاريخية لمختلف الشعوب والثقافات وحمايتها من التلف ، وتدريب نخبة من
الشباب والشابات من مختلف الدول؛ لتشكيل كوادر مؤهلة ومدربة قادرة على ترميم
وحفظ هذه الثروة بفاعلية ومرونة وسرعة، وبأدنى قدر من التكاليف المادية" .
/العمانية/
ف هــ


أكثر...