مسقط في 18 سبتمبر / العمانية/ أقامت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء
ندوة أدبية عن منجز الشاعر صالح الريسي الشعري، بعنوان «الشاعر
الذي يمشي على الماء»، شارك فيها عدد من الشعراء والباحثين
العمانيين، وهم الباحث فهد الحجري والشاعر أحمد مسلط السعدي
والباحث عبدالله الضبعوني. أدارت الندوة الشاعرة أصيلة بنت سيف
السهيلية التي قدمت في كلمة لها رؤية انطباعية حول تجربة الشاعر صالح
الريسي وتجربته الإبداعية التي واكبت التميز الشعري الذي شهدته الساحة
الأدبية الشعرية في السلطنة.
وقدم الشاعر أحمد مسلط ورقة عمل بعنوان «الفكرة واللغة بين
التجديد والتقليد» في ديواني حلم والنظر حد الأصابع لصالح الرئيسي،
الذي انطلق من عدة محاور، فقد أشار مسلط أن فترة النصف الأخير من
ثمانينات القرن المنصرم ، شكلت قفزة نوعية في كتابة القصيدة الشعبية
في السلطنة ، فبرز خلالها شعراء كانت لهم اليد الطولى في ترتيب أوراق
الساحة الشعبية من جديد. وحول مآلات الفكرة عند صالح الرييسي قال
مسلط أن النهج الذي إنتهجه صالح الرئيسي في كتابة قصائده نهجا لم
يتعدى المألوف كفكرة ووجدت بأن العاطفة التي اجترها صالح كونها
الأقرب إلى النفس البشرية والتي تؤول إلى أكثر من شعور في النص
الشعري فنصوص الحنين سواء كانت إلى الحبيبة ، أو إلى الوطن لابد أن
يكون متبوعا بالألم والبكاء حتى وإن كان رمزيا في بعض المواضع ، إذا
رافقته الغربة أيضا ، وربما إلى التأمل حينا آخر. وذهب الشاعر مسلط إلى
الفكرة السامية والتقليدية عند صالح الرئيسي، فقد كان هو الآخر محاولا
قدر الإمكان السمو بالفكرة من حيث الطرح والتوظيف اللغوي مستندا على
موسقى سهلة ذات رتم واحد غير متكلف داعما تلك الموسقى بصورة
سلسة. وتطرق مسلط إلى التأثير النمطي السائد في طرح الفكرة وتأثيره
عند صالح الريسي، وبين الشاعر مسلط أيضا الخروج من عباءة اللغة
التقليدية في ديوان الحلم للشاعر الريسي ، تلك اللغة التي تتخطى كل
الحدود، شفيفة براقة، كما بيّن الشاعر مسلط خصصوية الوقوف على
عتبة اللغة الراقية والهروب من التقليدية ومآخذها مع الشاعر الريسي
موضحا انه لم يتكء صالح الرئيسي على تلك المنضدة الممتلأة بالمفردات
المستوردة ، ولكنه حاول جاهدا أن يطوع المفردة المحلية ليجد لها مكانا
وأرضا خصبة في نصوصه .


من جانبه قدم الباحث عبدالله الضبعوني ورقة عمل حملت عنوان "العاطفة
في شعر صالح الريسي"، وأشار من خلالها إلى أن قصائد صالح الريسي
حفلت بالعاطفة الأسرية التي انقسمت إلى قسمين: الشكوى ووصف الحال،
ومرثيات والدته، فنجده في الشكوى ووصف الحال مسكونا بالمستقبل وما
يخبئه عند منعطف الطريق فالأوضاع السائدة شكلت لديه لحظات قلق
ظهرت في نفسيته لتجعله مسكونا به وكل ذلك ما كان لولا عظيم العاطفة
الأبوية الحانية فقد أرهقت صالح الإنسان قبل أن يكون شاعرا. فصالح
الذي انعكس ملفوظ اسمه على حياته وعظيم أفعاله تجاه أسرته أحاطته
المسؤوليات الجسام، لتظل جاثمة بثقلها على كاهله، وكل ذلك سوغ لوجود
متنفس القصيدة ليبوح بواسطتها عن ما يعتلج في خاطره، فقد أبت
القصيدة هي بدورها إلا أن تكون انعكاسا لواقعه المعاش. وفي هذا الجانب
يقول الباحث الضبعوني إن في شعر صالح الريسي نجد للتشبيهات
والمحسنات البلاغية موقعها من نفسه، فصالح الشاعر امتزج بالإنسان
ليتفاعل كل منهما مع الآخر ولينجم عن هذا التفاعل الفكري والفني خلق
إبداعي جديد. تخلل الأمسية إلقاء قصائد شعرية للشاعر صالح الريسي
التي مثلت تجربته الشعرية المغايرة تفاعل معها الحضور وأعجب بها.

فيما قدم الباحث فهد الحجري دراسة بعنوان «الشمس والأرض في شعر
صالح الريسي» التي ذهبت لتناقش مسألة توظيف الشمس والأرض في
شعر صالح الريسي، والتي سلطت الضوء على طريقة التوظيف الشعرية
للمفهومين وهنا أشار الحجري إلى أن الشمس والأرض من القضايا
الكونية التي شغلت الإنسان منذ البدء، وجعلته يتفكر في كل ما يحيط به،
ويؤثر في حياته بشكل كبير، ويمكن القول وبعد تحول الشعر من الثيمة
الدينية المرتبطة بالأسطورة إلى الحياة الاجتماعية ورصده لثقافة الإنسان
وممارساته اليومية تحولت معه توظيفات كثير من المفاهيم ومن بينها
الشمس والأرض، لقد ارتبطت الشمس عند الشاعر بالحياة والقوة،
والمعطى الكوني الذي يعمل بديناميكية كونية حيوية أمام مجابهة المغيب
والظلام كرمز للموت في تجربة الشاعر الشعرية؛ وفيما يتعلق بالأرض
فقد ارتبطت دائما وأبداً بالإنسان من خلال عطائها وهباتها التي منحت
الإنسان الاستقرار والرخاء، وقد بحث عن كل ما يمكن أن يمنحه الأمان
ويهبه العطاء، فكانت منذ الأزل الواهبة بخيراتها، منذ كانت مقدسة قبل
الانقلاب الذكوري، وحضورها في الأدب والشعر ارتبط بالعطاء والهبة.
ومن خلال التجربة الشعرية للشاعر الريسي رصدنا توظيفاته للأرض
كرمز؛ مثلا ارتبطت الأرض في كثير من النصوص بالعطاء من خلال
الإنبات والزرع الذي يفيض بالحياة على هذا الإنسان. وفي ختام ورقته
قال الباحث فهد الحجري تبقى مسألة الشمس والأرض مرتبطة وبشكل
كبير بتجربة الشاعر صالح الريسي، وقد اختلف توظيفهما حسب
الموضوع، وارتباطهما له علاقة بالسياقات الاجتماعية والثقافية، التي
افرزت السياق النفسي الذي من خلاله أعطى بصمته في توظيف الشمس
والأرض في تجربة صالح الريسي الشعرية.
العمانية /




أكثر...