ولاية منح في 25 يونيو/العمانية/ وسط تهليل وتسبيح وأذكار مختلفة، سار أطفال
قرية معمد بولاية منح ليلة منتصف رمضان المبارك في دروب القرية وطرقاتها،
حاملين القناديل بخطى بطيئة ومنتظمة، لإحياء "التهلولة المباركة"، التي تقام سنويا
للمرة الرابعة، بتنظيم من مدرسة القرآن الكريم بالقرية، إحياء لموروث عماني قديم،
يهدف إلى توطيد الإخاء بين الأطفال، ونشر المحبة بينهم، وإدخال الفرحة والبهجة
في نفوسهم، وتغرس فيهم حب الله من خلال ترديد التهاليل والتسابيح ومختلف
الأذكار الحميدة.
وانطلقت التهلولة بعد صلاة التراويح مباشرة، بعد أن تجمع مئات الأطفال من كلا
الجنسين، في ساحة فسيحة عامة، ليجوبوا طرقات الحارة القديمة، وهم يحملون
القناديل والمصابيح الصغيرة، يحدوهم طفل من عمرهم، يقرأ عليهم التهلولة مكتوبة
في ورقة، ويرددون معه "سبحان الله لا إله إلا الله".
وأثناء تجوالهم داخل الحارة، أعاد الأطفال صورة الحياة القديمة التي عاشتها الحارة
قبل عقود من السنين، حيث كانت مأهولة بالسكان، وكانت القناديل المعلقة في الأوتاد
هي المصابيح التي تضيء جنبات البيوت والطرقات، وتذكر الأطفال حياة أجدادهم
الذين سكنوا بيوت الطين القديمة، ولحظة سيرهم بدا وكأنما عادت للحارة روحها
الحية الأولى، حيث احتشد الأطفال في طرقاتها الضيقة، وسار ركبهم البريء بين
الدروب المتربة، إلى أن اجتازوا إلى طرقات القرية المسفلتة، في نقلة حضارية بين
زمنين مختلفين وأجيال مختلفة، بين الزمن الماضي والحياة المتواضعة داخل الحارة،
وبين الزمن الحاضر والحياة الحديثة وسط بيوت أنيقة التصميم وطرقات مضاءة
بمصابيح الكهرباء.
ويقول سعيد بن حميد السليماني المشرف على تنظيم التهلولة: اعتدنا على إقامة
التهلولة في منتصف رمضان، فرحة بصوم النصف الأول واستعدادا لصوم النصف
الثاني من الشهر، وحازت التهلولة هذا العام على إقبال كبير من أطفال القرية، حيث
إن هناك حرصا على مواصلة إقامة التهلولة كل عام في مثل هذه الأيام، لأنها تزرع
القيم في نفوس الأبناء، وتذكرهم بالذكر وتحثهم عليه.
وأضاف إن التهلولة إرث ثقافي ديني مارسه العمانيون خلال القرون الماضية،
وتحفل بعض خزائن العلم لكتب التراث العماني على نصوص مختلفة للتهلولة، ما
يعني أنها إحدى المكونات الثقافية للمجتمع العماني.
وقال إن بعض المدن العمانية الساحلية والمجتمعات الخليجية تقيم ليلة "القرنقشوه" ،
وتهدف هي الأخرى إلى إدخال الفرحة في نفوس الأطفال، غير أن اللجنة المنظمة
للفعالية ارتأت أن توجد ليلة مرتبطة بروحانية الشهر الكريم، وبالإرث الثقافي
العماني الأصيل، فلم تجد خيرا من إقامة التهلولة بأذكارها وتسابيحها العذبة.
من جانب آخر فإن التهلولة هي كلام عذب الألفاظ، مشتق من كلمة التوحيد: لا إله إلا
الله، ويصاحبها أذكار التسبيح والتحميد لله رب العالمين، وتقام في بعض القرى ما بين
صلاتي المغرب والعشاء، وتقام عادة في الليالي العشر الأول من شهر ذي الحجة،
احتفاء باستقبال عيد الأضحى المبارك. وبعد الانتهاء من طواف التهلولة يحصل
الأطفال على هدايا من أهل الخير، بحسب ما تجود إياديهم لهم.
جدير بالذكر أن التهلولة التي قرأها الأطفال، قام بجمعها الباحث هلال بن محمد بن
الشرياني، وقام بالتصحيح المكرم عبدالله بن سعيد السيفي، صدرت مطبوعة عن
مكتبة أبي الفضل بن عباس بنزوى عام 1988، وتحوي مقاطع كثيرة يصل عددها
إلى 247، ومنها هذه المقاطع:
سبحان الله تعوذنا من الشيطان
سبحان الله تسيمنا بالرحمن
سبحان الله وهو الملك القدير
سبحان الله وهو الأول الكبير
سبحان الله وهو الملك الجبار
سبحان الله وهو المهيمن الستار
سبحان الله وهو الصمد المعبود
سبحان الله لا والد ولا مولود.
/العمانية/
ي.



أكثر...