الحرف اليدوية والصناعات التقليدية

**مشاعر خجولة** · 17-11-12 11:11 PM

الحرف اليدوية والصناعات التقليدية منارات لكل العصور

تحتل مساحة واسعة بتراثنا الأصيل -

تحتل الحرف اليدوية والصناعات التقليدية قديمها وحديثها مساحة واسعة من التراث العماني الاصيل، حيث تعتبر شعلة لمنارتها في العصور الخالية ومنظرا لحضارتها بين الامم. وقد استمرت الحرف والصناعات تتجلى حتى في وقتنا الحاضر، وتحظى الصناعات العمانية التقليدية والمشغولات اليدوية بشهرة واسعة على مستوى منطقة الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية والدول العربية وعدد من دول القارة الآسيوية والأفريقية والأوروبية والأمريكيتين، حيث تمكنت من منافسة غيرها من الأصناف والصناعات التقليدية.

رمز الأصالة

وتعد الصناعات التقليدية رمزا لأصالة الشعب العماني حيث يحرص العمانيون على وجودها في كل بيت، الى جانب وجودها في المناسبات الرسمية والوطنية، كاحتفال عيدي الفطر والاضحى المباركين والاعياد الوطنية والاعراس وغيرها. كما يحرص السائح قبل مغادرته أرض السلطنة أن يحمل معه شيئا من هذه المصوغات والصناعات التقليدية العمانية ليقدمها هدية لأهله وأقاربه.

ركيزة للدولة العصرية

رغم التطور والتقدم الذي حققه المجتمع العماني في كل نواحي الحياة الا ان الحفاظ على التراث العماني الاصيل شكل ركيزة اساسية للدولة العصرية وملحمة من الملامح المجيدة للمجتمع العماني باعتبار ان التراث عنصر اساسي في تشكيل الهوية الوطنية وقد امتد الاهتمام بالتراث العماني الى العناية بالحرف الوطنية التقليدية والحفاظ عليها رغم التطور الهائل في ادوات ووسائل الانتاج.

توثيق الصناعات

تمثل عملية تسجيل وتوثيق الصناعات الحرفية في كل مناطق وولايات السلطنة خطوة ضرورية للحفاظ على هذه الصناعات والعناية بالعاملين فيها وشكلت ركيزة هامة لبلورة استراتيجية وطنية للنهوض بالحرف التقليدية وبالصناعات الحرفية خاصة وانها أصبحت احد عناصر الجذب السياحي عبر الاسهام في كثير من المعارض التي يتم تنظيمها داخل السلطنة وخارجها. كما ان من المهم صقل مهارات القائمين على هذه الحرف وتشجيعهم وتنظيم دورات متخصصة لهم وشراء إنتاجهم الحرفي وإقامة المعارض للتعريف به وتسويقه. الى جانب انشاء مراكز التدريب للحرف الوطنية في كل من بهلا وسمائل وصور لتعليم المواطنين هذه الحرف بالإضافة الى انشاء مصنعين في بهلا وسمائل لانتاج مواد الحرف الوطنية التي تجد اقبالا متزايدا عليها من المواطنين والسائحين على السواء.

براعة وإبداع

برع العمانيون منذ قديم الزمان في اتقان صناعاتهم التقليدية وكانوا يصدرونها للخارج، بعضها يبيعونها والاخرى يقومون بمبادلتها بسلع وبضائع أخرى، ويحرصون حتى اليوم على اقتناء العديد من المشغولات الفضية التي تحظى باهتمام كبير من قبلهم. ويسعى الزوار والسياح العرب منهم والأجانب بشكل خاص للحصول على بعضها على سبيل الذكرى، ومن بين وأهم تلك الصناعات خاصة الفضية منها صناعة الخنجر العماني الذي مازال كل عماني يحرص على امتلاك واحد منه أو أكثر، كما أنه يدخل في تصميم الشعار الرسمي للدولة، ويتميز عن بقية الخناجر الموجودة في بلدان العالم العربي والاجنبي بنصله الشهير، كما يتفنن العمانيون بصنع خناجرهم المزينة بالحلي والزخارف الفضية والأحجار الكريمة، والخنجر بالنسبة للعماني يعني الشجاعة في المقام الأول، والأناقة في المقام الثاني.
وتأتي صناعة الخناجر والسيوف كأحد الملامح الوطنية التراثية والحضارية للعمانيين وهي تحمل مدلولات جغرافية وأبعادا ورموزا ثقافية وتاريخية لـعمان كمنطقة عاشت ظروفها وحقبها التاريخية الصعبة في وقت من الأوقات.

النسيج

وقد عرف العمانيون صناعة النسيج من العصور القديمة، وعرفت هذه الصناعة عند اهل البادية بصناعة السدو عن طريق غزل صوف الاغنام او الماعز، واستطاع البدوي ان ينسج الصوف والشعر ليبني بها مسكنه، واشتهرت نساء البادية ايضا بعمل الزرابيل من صوف الاغنام كما عملت على نسج زانة الجمال عن طريق المغازل وهي الغرض، والبداد والسيح والخطام والشداد والشملة والمحوي والكفال. وقد اشتهرت ولاية سمائل بصناعة الوزار والعمائم، وكانت تصدر بعض هذه المنسوجات قديما الى اسواق شرق افريقيا والهند والجزيرة العربية.

الحلي

اما الذي يقوم بصناعة الحلي فيعرف (بالصائغ) ، وهي من الصناعات ذات المردود الاقتصادي الجيد ، وتعتبر الرستاق ونزوى من اهم مراكز صناعة الحلي، ويشتهر صناع الحلي والفضة بصفة خاصة بالنقوش الدقيقة للزهور اما الاشكال الشائعة فهي سلاسل من الجواهر اما مقطوعة من لوح فضي او منقوشة ببتلات هندسية.

الحلي والفضيات

وتعتبر الحلي والفضيات من أكثر الصناعات العمانية التقليدية شهرة وإتقانا حيث عرف العمانيون هذه الصناعات منذ القديم وهي ترتبط ارتباطا وثيقا بالمناسبات الاجتماعية كالأعراس والأعياد وتأتي كاحد أساسيات زينة المرأة في الزواج والمناسبات السعيدة إضافة إلى انها كانت تمثل قيمة اقتصادية نظرا لكونها من الصناعات التي يعاد تصنيعها لذلك كانت ترتبط بالأوضاع الاقتصادية للمجتمع العماني ارتباطا بالوضع الاجتماعي والحلي متمثلة في زينة المرأة كالمرية والخواتم والحجول والتي تؤكد وتكرس لموروث بيئي واجتماعي يعتز به العمانيون ولا يزالون يحافظون عليه حتى وقتنا الحالي مع ادخال كثير من التجديد عليه.

مهنة قديمة

وتعتبر الصناعة الفضية من أقدم المهن التي مارسها الإنسان عبر الحقب الزمنية، وبيع وعرض المقتنيات الفضية والأحجار الكريمة في المحلات الشعبية والتجارية، وهي من المهن الحرفية التي تتوارث بين الابناء والاباء والاجداد، وتعتبر من المهن المربحة التي تحتاج إلى خيال واسع ومعرفة بمتطلبات الجمهور من الأدوات الفضية والذهبية حيث يستمع الجمهور عن كثب لمعرفة الأشياء التي يرغب بشرائها وكذلك الباعة يحرصون دائما على جلب ما هو افضل للمشتري دون تردد من مختلف الأنواع ، والتي ترضي اذواق الناس وتحظى بقبول كبير لدى الزبون، وكيفية معرفة ما تطلبه النساء وما يريده الرجال من تلك الأدوات الفضية والإكسسوارات.

سوق مطرح نافذة للتجمعات

ومنذ قديم الزمن أتت علاقة الناس بالأسواق القديمة منها والحديثة لتجسيد الرغبة المشتركة في الحياة وتبادل المنافع التي تؤدي إلى التجمعات البشرية التي شكلت في ما بعد نواة القرية والمدينة، وكانت الأسواق ولاتزال صورة للتآلف الإنساني بين الناس الذي يأتي وجودها ضمن إطار التجمعات البشرية لتوفير الالتقاء وتبادل المنفعة التجارية والمعيشية.

ويعتبر سوق مطرح الذي يعد أحد الأسواق الشرقية التراثية في السلطنة إذ يتميز بممراته الضيقة والمتعرجة والمسقوفة بالخشب أو الحجارة، وترتفع الحوانيت التي تتوزع على جانبي الأزقة عن الأرض بدرجات صغيرة، وعادة ما تكون لها أبواب خشبية، ويعج السوق بالحركة والنشاط التجاري وتنبعث منه روائح العطور الزكية كاللبان والبخور والعطور العربية، كما تتوافر به منتجات الحرف اليدوية كالحلي الفضية والذهبية والخناجر والدلال والأواني النحاسية والسيوف والبنادق القديمة بالإضافة إلى المنسوجات المطرزة بالنقوش العمانية الزاهية كما تباع أيضاً الحلوى العمانية والأواني الفخارية.

حيوية مستمرة

أما بالنسبة للبضائع فكان البيع في السوق المذكور قبل مئات الأعوام يقتصر ككل الأسواق على الأسماك والمحاصيل الزراعية والأقمشة، ومن ثم تمت إضافة الفضيات والحلي والخناجر والألبسة العمانية والتذكارات لإنعاش السوق،فأصبح يتوافد عليه السياح من كل انحاء العالم، وقد تمت الإضافة به بعض الحاجيات المتطورة كألعاب والالكترونيات والعطور والألبسة الجاهزة، ونجح ذلك في استقطاب الجماهير العمانية وتحول السوق إلى سوق أكثر حيوية يأتيه العمانيون من كل صوب وخصوصا في الأعياد للتمتع بكل ماهو جديد، وأصبح السوق منذ قديم الزمان إلى عصرنا الحاضر جزءا مهما في حياة العمانيين ففيه يجدون فرصة تجمعهم دون سابق موعد للتحاور في شتى الأمور الاقتصادية والرياضية والثقافية والسياسية والاجتماعية بالإضافة إلى الهدف الأساسي لتوجههم إلى السوق وهو التسوق وشراء ما يحتاجون إليه، ويعتبر سوق مطرح ''سوق الظلام'' من أكثر الأسواق المعروفة والمشهورة الذي يقع خلف الشارع البحري (الكورنيش) على البحر في قلب العاصمة العمانية مسقط وتحديدا في مدينة مطرح وفيه يجد أي متسوق ضالته التي يبحث عنها سواء كان سائحا أو مواطنا أو مقيما فالسوق ذو طابع تراثي أصيل يلفت نظرك فيه تلك التشكيلة المتنوعة من البضائع التي تكتظ بها ممراته الضيقة وأزقته الملتوية التي تعج بالمتسوقين طيلة أيام العام، وسوق مطرح يعتبر من أقدم الأسواق العمانية على الإطلاق حيث بني عام 1925 تقريبا، ويوفر كل الأشياء كالملابس والأواني والعطور والخناجر وغيرها·

أقدم أسواق مسقط

يشتهر السوق بصغر حجم المحلات التجارية به وسمي بسوق الظلام أو سوق المظلات لأنه من أقدم الأسواق في مسقط وأكثر مكانا تجد فيه متعة التسوق، ويعد المكان الذي يقصده الناس لشراء حاجياتهم بطريقة مريحة وممتعة حيث تصبح فيه مهمة التسوق رحلة رائعة تنقل المتسوق من حالة الرتابة وقلة النشاط إلى جو الإثارة والحيوية·
وأكثر ما يميزه أن الزائر منذ دخوله إلى ساحة السوق تستقبله تلك الروائح الزكية التي تنبعث من متاجر العطور التي تمتلئ بها أزقته ممزوجة برائحة البخور واللبان العماني المعروفة·
وفي الجانب الأخر من السوق تجد سوق البهارات وحاجيات النساء وتشكيلات واسعة من البضائع الأخرى المختلفة، وما يميز سوق الظلام عن الأسواق الأخرى بسلطنة عمان انه كانت ترسو فيه السفن التجارية القادمة من الهند على المرسى القريب من البحر لتفريغ البهارات والملابس والأرز وغيرها من السلع والبضائع بالإضافة إلى شحن المنتجات العمانية من البسور والبخور والتمور والليمون المجفف وبضائع أخرى·
إن حياة العمانيين لا تختلف في الزمان والمكان وسيظل سوق مطرح له طابعه الخاص فضلا عن التآلف والمودة التي تسود بين أصحاب المحلات بالسوق