قارئةٌ الفنجان
مثل كل يوم أتجه إلى مكاني المفضل للقرأة وعلى نفس الطاولة كنت أجلس دائماً وما ان يشاهدني النادل يعرف ماذا سأشرب دون أن أخبره لقد تعود على طلبي ولكن ياللعجب من هي تلك السيدة التي أحتلت مكاني اليوم ألم يقل لها النادل بأنه يوجد شخص سيأتي ليجلس هناك بالذات ليس هذا نابع من الأنانية ولكنني قد تعودت على أن تكون هذه الطاولة حضناً أرتمي إليه في أوقات فراغي وحزني وفرحي هل نسي النادل ذلك...؟؟
لم أفكر بأن أسأله لكي لا أضعه في موقف حرج وأنا أجهل الأسباب التي منعته بأن يقول لها أو ماذا دار بينه وبينها لكي يسمح لها بأن تجلس على طاولتي التي هي لايوجد بها غير كرسي واحد فقط أكتفيت بالنظر إليه وأكتفى هو بالصمت وتعابير وجهه تقول ماذا أفعل ؟ وأبتسمت لأطمئنه بأنني لم أتضايق من ذلك وإنما مجرد أستغراب من الأمر حملت كرسياً آخر وأتجهت نحوها وقد كانت تنوي البدأ بالفطور وصلت بجانبها في توقيت غير مناسب كانت ترفع يدها إلى فمها لتأكل فتوقفت ونظرت إلي وقالت تفضل هل أخدمك في شيء فقلت لها نعم أتسمحين لي بالجلوس وقالت إذنً أنت من يحجزون لك الطاولة كل يوم فقلت لها أعتقد ذلك سيدتي وأبتسمت وقالت تفضل ولم لا ؟ أخذت أتمتم بداخلي وأقول الأن أصبحت أنا من يطلب السماح له بالجلوس في مكاناً قد تعودت عليه منذ مدة ليست بالقصيره ولكن ماذا عساي أن أفعل فإحترام الغير واجب أكملت هي فطورها وفتحت أنا صحيفتي وبعد لحظات قليلة أتى النادل بفنجان قهوتي ومعه كأس من الماء وهي ما تزال جالسة أمامي وجهاً لوجه والصمت سائداً بيننا يكاد من خلاله نسمع ضجيج خطوات النمل أنتابني شعور بأنها ستقول شيء فأحببت أن أتفادى الحديث معها فرفعت الصحيفة وغطيت بها وجهي وأخذت أقرأ وذهني شارداً يتساءل ماذا تفعل إن كانت قد أنهت فطورها لماذا أصرت على الجلوس هنا رغم أنها قد علمت أن شخص قد يأتي ويجلس هنا الكثير من الحيرة خطرت في بالي وفجأة أسترقت السمع منها كانت تتمتم بكلمات لم أفهمها ظننت إنها تخاطبني فقلت لها نعم أسمحي لي لم أسمعك ماذا كنتي تقولي فقالت وعلامات الخجل باديةً على وجهها لا أنا لم ..لا.. لقد كنت أقرأ عنواناً من على ظهر صحيفتك أيقنت حينا أنها لاتنوي الرحيل فقلت لها خذي أكملي ماكنتي تقرأين ولم تتردد فأخذت الصحيفة من يدي وقالت شكراً وقلت لها على الرحب والسعه......
فقمت بشرب قهوتي وما أن أنتهيت منها حتى أراها تطوي الصحيفة من يدها وتضعها جانباً وتقول لي بكل عفوية أتؤمن بما يقوله الفنجان لك ؟ فقلت لها لم يسبق لي أن أُجرب لكي أؤمن أو لا أؤمن ولكن عفويتها كانت غير معقوله فأخذت الفجان من أمامي وقالت أسمح لي أرى مابداخله لم أتفوه بأي كلمة فقط أكتفيت بالسكوت وعيناها تغازل عمق الفنجان للحظات ودقائق عده وقامة لتغير جلستها ويديها مازالت تمسك بالفنجان وسخرت كل ذهنها وغابة في صمت طويل لم أكن من اللذين يهتمون بذلك فأخذت صحيفتي وأكملت قراءتي ولكن شيء ما يثير فضولي ماالذي يحكيه فنجان قهوتي وهل هي من اللواتي يقرأن الفنجان أم هي حجة لتبقى ضحكت وقالت يالها من حياة تعيشها أيها الفاضل....
وأستمرت في حديثها وقالت كم من الهموم تخطيت كم الجراح تحملت كم من الألم ذقت ولكنك صبور للغايه يومك مليء بالأمل وأمس لايغيب عن بالك وغداً ستعيشه وأنت مبتسم هناك من ينتظر لقياك وهناك من يتألم لفراقك وهناك من يندم على مافعله بك وهناك من أقترب منك دون أن تشعر وسكتت ثم قالت مارأيك سيدي؟ فقلت لها جميل أكملي وأخذت تقلب الفنجان علها تلاقي المزيد من الروايات لتتوقف فجأة وتترك الفنجان من يدها وتقول أيعقل بعد كل هذا تكون أنت؟ ف أجبتها ومن هو ياترى فلم تجب على سؤالي إنما قامت بوضع إصبعها على شفتاها لتشير لي بأن أصمت ،، هنا قد زاد فضولي لمعرفة كل مارأته في فنجاني وقلت لها أوهــاكذا يقرأ الفنجان ؟ أتعترفين ببعضه وتخفين بعضه إذن لماذا قرأته من البداية إن كنتي لاتنوين إخباري بكل مافيه أوليس من حقي ؟ وقالت نعم هو من حقك فقط إكرمني بصمتك قليلاً وأكملت قرأتها إلى أن أخذت نفساً عميقاً وقالت أتصدقني إن قلت لك ؟ أجبتها وقلت حاشى أن أكذبك سيدتي ولكن أخبريني ماذا وجدت بعد أن أقترب مني شخص دون أن أشعر ؟
قالت أوهذا ما أستوقفك فقط ؟ لعله شيء بسيط من مارواه فنجانك لي فأخذت تحدثني عن فتاة كدت أن أعرف وصفها ستعيش من أجلي ستتحدى كل شيء من أجل أن تبقى بجانبي وحكت الكثير والكثير عنها إلى أن انتهت فقلت لها وماالذي قد لا أصدقه في ذالك ؟ أبتسمت وقالت أنا هي من لا تصدقها أبداً فقلت لها ومادخلك أنتِ وماذا هو الذي لا يعقل أن أكون أنا هل هذه دعابة أم ماذا ؟ فقالت لم أقرأ الفنجان يوماً للدعابة فأنت هو من كانت تحكي عنه فناجين قهوتي طوال حياتي تركت الفنجان على الطاولة وقالت سعدت بلقائك سيدي وانصرفت دون أن تشرح لي..
أكملت صحيفتي وأنصرفت أنا أيضاً وفي طريقي أتساءل ماذا حل بهذه السيده لكي تترك المكان بهذه السرعة إن كنت من حكت عنه فناجينها لماذا ذهبت ولم تحكي لي و لماذا لم تقل لي ماذا كانت تقرأ عني في فناجينها لماذا ذهبت ولم تكمل حديثها فتجولت في المدينة عل وعسى أن أجدها لتشرح لي ماهذا الذي فعلته بي لم كل هذا الأهتمام بها رغم أني لا أعرف أسمها حتى فلماذا أتبعها ولماذا هي أنصرفت ولماذا كذبت وقالت سأخبرك ولكنها لم تخبرني ماذا يعني كلامها وما دخلي في فناجينها هل صدمة لقاءها بي من فعل ذلك بها....؟؟ ذهبت أبحث عنها في كل طرقات المدينة ولم أجدها وأتساءل كل يوم عن ما قالته وها هو أنا مازلت أتساءل إلى هذه اللحظة التي أضع فيها هذه النقاط...
من فيض قلمي : مخاوي الهم
مواقع النشر (المفضلة)