ماس و لؤلؤ
حي صغير منعزل احد الاحياء الفقيرة بيوت مبنية من الطابوق القديم (طابوق مستعمل يعاد استعماله في البناء يكون سعره رخيص) في هذا الحي البيوت متلاصقة جدا يسند بعضها البعض اسطح البيوت عارية ما عدا التراب الذي يغطيها الحياة صيفا هنا ماشية كما يقولون لكن موسم الشتاء صعبا. الافرع و الازقة الضيقة تغطيها الاوحال و انت تمشي بأتجاه الشارع المبلط الرئيسي تجد صعوبة في الحركة بسبب الطين العالق في الحذاء و يجب المشي بحذر خوفا من السقوط في البرك المحيطة بك.
في احد هذه البيوت التي اكلتها الرطوبة من الداخل تعيش عائلة ابو منيرة (البقال بائع الخضرة)
في غرفة صغيرة مرتبة بسيطة الاثاث و على سرير مصنوع من الحديد رقدت شهد و تدثرت بالغطاء كان الجو باردا جدا في الخارج و المطر يتساقط اخذت تتقلب في فراشها تحاول النوم دخلت الغرفة والدتها.
-امي لا اقدر ان انام
-هل اجلب لكي غطاء اخر هل تشعرين بالبرد؟
-لا لست بحاجة الى غطاء المشكلة... يا امي بصوت الماء الساقط من المرزاب اشعر كأنه يصب فوق رأسي انه يصيبني بالتوتر
-ماذا تقصدين؟ ... حاولي النوم تخيلي هذا الصوت موسيقى تصبحين على خير
في الصباح الباكر جدا بدت الحركة تدب في ازقة الحي الشعبي ازقة ضيقة جدا تغطيها اوحال الطين سكان هذا الحي من العمال و الكسبة و صغار الموظفين كل شيء في هذا المكان يدل على الفقر و قلة الحال. ضجيج لا ينتهي ... عربة بائع النفط و هو يدق على الناقوس و اطفال يركضون وراء العربة التي يجرها حصان
موسم الشتاء بارد و حاجة الناس الى النفط تتزايد يقف بائع النفط امام كل باب بيت يتبادل التحية و السلام الكل يعرف (عريبي بائع النفط) رجل مواعيده مضبوطة
نهضت شهد على عجل... امي لقد تأخرت لماذا لم توقظيني؟
-لقد فعلت اكثر من مرة و لم تسمعيني كنت نائمة نوما عميقا... اصبح نومك ثقيلا جدا
-لم انم طول الليل بسبب هذا المرزاب حتى الفجر ثم بدأت اقدام المارة كأنهم جيش... ثم غفوت... امي هؤلاء الناس اين يذهبون فجرا؟
-انهم عمال المسطر يبحثون عن رزقهم يا ابنتي
-عمال المسطر... ما يعني؟
-هؤلاء الرجال يذهبون الى مكان يتجمعون فيه و يأتي احد ما يحتاج الى عمال بناء او حفر و يستأجرهم ... انهم بسطاء يسعون وراء لقمة العيش
-فهمت... و ابي منهم؟
-ابوك رجل له عمل ثابت انه صاحب دكان يبيع الخضرة و الفاكهة و كل المنطقة تحلف بأسمه
-اعلم يا امي كل الحي يحب ابي لانه يبيع لهم بالدين و يتساهل بالسعر
-انما بعد العسر يسر...
-اه الحال من بعضه و كلنا في هذا الشارع... لا اسميه شارع بل فرع لا اجد له اسم مناسب بيوت لا تصمد امام عاصفة نصفها مهدم و النصف الاخر تأكله الرطوبة و الناس صامتة و حامدة و شاكرة
-ماذا دهاك يا شهد لماذا تتكلمين بهذه الطريقة اذهبي الى المدرسة لكي لا تتأخري
-اه يا امي اشعر بالدوار و الغضب... لم انم طول الليل
خرجت شهد الى المدرسة و في الطريق عرجت على بيت صديقتها بشرى لكن... ام بشرى اعتذرت لشهد و اخبرتها انها اليوم لن تذهب الى المدرسة لان عمتها قادمة لهم من الكويت و الكل في انتظارها ... ثم سألت امك في البيت اريد زيارتها
-نعم يا خالة تركتها في البيت ... مع السلامة
-مع السلامة
اكملت شهد طريقها الى المدرسة
